الشيئ الذي اتفق عليه الموريتانيون

عشق المورتانيون الشاي الاخضر وتفننوا في صناعته وتذوقه وقد سجلوا في ذلك حكايات واشعار شعبية وفصيحة، يحبه الجميع وهو عند الشيوخ احب وتختلف جلساته حسب الظرفين الزماني والمكاني ونوعية الجلساء ،ويسمونه في اللهجة المحلية “اتاي”.
يوصف “الشاي” بأنه صديق سكان هذا البلد الصحراوي العربي (غربي إفريقيا)، إذ يحرص الموريتانيون على اصطحابه معهم أينما كانوا داخل بلدهم أو خارجه.
ووفق دراسة عن الشاي نشرها الباحث موريتاني، عبدو سيدي محمد، عام 2015، فإن 99 % من الموريتانيين، البالغ عددهم قرابة أربعة ملايين نسمة، يتناولون الشاي. ويوميا، يتناول 64.6% ممن شملتهم هذه الدراسة، الشاي أكثر من 3 مرات يوميا، بينما 27% يتناولونه مرتين، و8.4% يتناولونه مرة واحدة. ** طريقة التحضير ولعشقهم له، يتفنن الموريتانيون في طريقة تحضير الشاي، ويولون لذلك أهمية خاصة. تبدأ العملية باحضار الإبريق والكؤوس وصحون أخرى يتم من خلال بعضها توزيع الكؤوس على الحضور، ثم يتم خلط كمية من الشاي (الوركه) وكمية من الماء.
ويترك هذا المخلوط ليغلي على النار لمدة 10 دقائق، وبعدها تضاف إليه كمية من السكر والنعناع، ويتم تدويره بين الكؤوس مرات عديدة، وبظهور رغوة داخل الكؤوس تكون العملية قد تمت. بعدها، يتم توزيع كؤوس الشاي على الحضور، ومن عادات الموريتانيين أن يتم في البداية توزيع الكؤوس على الرجال الأكبر سنا، ثم بقية الحضور من الشباب والنساء. ** “الجيمات” الثلاثة لا يطيب للموريتانيين شرب الشاي إلى مع الأحبة وفي جماعة تتشكل حول الشخص الذي يتولى إعداد الشاي، ولهم طقوس خاصة تتعلق بإعداد هذا المشروب. وللاستمتاع بشرب الشاي لا بد من تطبيق قاعدة “الجيمات” الثلاثة، وهي عبارة عن شروط ثلاثة يجب أن تتوفر للحصول على جلسة شاي ممتعة. القاعدة الأولى هي أن يكون في جماعة، ويفضل أن تكون من الأصدقاء المقربين، ثم القاعدة الثانية، وهي “الجر”، وتعني طول التحضير، وأن لا يتم الإسراع في توزيع كؤوس الشاي، أما القاعدة الأخيرة فهي أن يستخدم الجمر لعملية التحضير.
وتعنى الشعراء والادباء بالشاي على مدار حقب طويلة ، وخصصوا له قصائد طويلة، ومنها قصيدة الشاعر الشيخ سيدي، ويقول فيها :يُقيمُ لنا مولايُ والليلُ مقمرٌ…
وأضواءُ مِصباح الزجاجة تُزْهِرُ
وقد نسَمَت ريحُ الشمال على الرُّبى
نسيما بأذيال الدجى يتعَثرُ
كؤوسًا من الشاي الشهيِّ شهيةً
يطيب بها ليل التمام فيقصُرُ
كما كتب الشاعر الموريتاني أبو مدين الديماني في الشاي شعرا، منه:
ألا فاسقني كاساتِ شايٍ ولا تَذَرْ
بساحَتِها مَنْ لا يُعِينُ علَى السَّمَرْ
فوقْتُ شَرابِ الشَّايِ وقْتُ مَسَرَّة
يزُولُ به عن قلْبِ شاربِه الكَدَرْ
ومن بين من كتبوا شعرا في الشاي أيضا الشاعرُ الأديب محمد ولد احمد يوره:
أتايُنا منْه فمُّ المَرْءِ يَحْتَرِقُ
قد طابَ سُكَّرُهُ والمَاءُ والورَقُ
باتَ المُبارَكُ يَسْقِينَا علَى مَهَلٍ
واللَّهْوُ مُجْتَمِعٌ والهَّمُّ مُفْتَرَقُ
خِلْتُ الجُمَانَ عَلَى جِبَاهِ فتْيَتَنَا
كلٌّ تَحَدَّرَ منْ جَبِينُهُ العَرَقُ!
يعتبر شراب”الشاي “من أبرز التقاليد التي حافظ عليها المجتمع الموريتاني، وتعلق بها كثيرا”.
فالموريتاني لا يمكنه الاستغناء عن الشاي، مهما كان خارج أو داخل البلاد”. فجميع الموريتانيين في الغربة يصطحبون معهم آلات تحضير الشاي، فهو رفيقهم الذي لايمكن الاستغناء عنه.