نحن والصحراء
نحن والصحراء
المنتبذ القصي والصحراء كانا رتقا لكن تباين الرؤى فتقهما.
ومن المفارقات أننا كنا نعتبر الصحراء جزا منا وكنا نقول إنه لافرق بين خط اصبانيَ وخط افرانص، فهما روح واحدة لشعب واحد حلت في بدنين (خطين)، وكانت بعض النخب من الصحراويين تتبرأ منا ومن خطابنا وتنادي بالاستقلال.
اليوم حين قال المرشح غزواني إن الصحراء انتماء خارجي وإن كان أهلها منا ويشبهوننا ثارت ثائرة ذات النخب المتبرئة وأقامت عليه الدنيا.
يمتد وطن البظان (تراب البيظان) حسب المفكر والمؤرخ محمد ولد مولود ولد داداه رحمه الله من الساقية الحمراء شمالا، إلى” اندر” جنوبا، و”أزاواد ” شرقا، إلى المحيط الأطلسي غربا.
وكان وطن البظان حاضرا في كلمة الرئيس المؤسس المختار ولد داداه رحمه الله، يوم نجح نائبا عن آدرار سنة 1957 حين حدده بأنه: من الساقية الحمراء (اعيون المدلشي) إلى أزاواد إلى أگمينى (اندر).
وفي سنة 1900 تقاسمت فرنسا وإسبانيا المنطقة، فأخذت إسبانيا “موريتانيا الصحراوية” وأخذت فرنسا “موريتانيا الموريتانية”.
وقد نص اتفاق التقسيم بين إسبانيا وفرنسا على عدم السماح للنفوذ المغربي بتجاوز وادي درعه وعلى تشكيل لجنة لرسم الحدود بين البلدين.
ومع موجة التحرر وظهور اليسار كان اليسار الموريتاني يدعم استقلال الصحراء من الاحتلال الإسباني ولم تغب الصحراء عن نضالهم وأدبياتهم وكانت مدينة ازويرات “لبطاحْ” معقل التنسيق والاجتماعات.
وفي المقابل كان الولي مصطفى السيد شابا يساريا متحمسا ثوريا، أنشأ الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو – Polisario) في 20 مايو 1973 وبدأ التنسيق مع الجزائر.
بدأ استكمال التحضير للعمل المسلح الذي سبق المؤتمر التأسيسي 10 مايو 1973 وخلال اجتماع عقده الولي مصطفى السيد لعدد من المناضلين يوم 15 ابريل 1973 بواد الطلح شرق مدينة تيندوف وضم أكثر من 30 مناضلا، واستمر على مدار يومين
أعلن الولي انفصاله عن المسار التفاوضي الموريتاني والتنسيق مع الجزائر وشن حرب لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب.
وأتبع تلك الخطوة بانطلاق أول رصاصة للجبهة من خلال عملية الخنگة التاريخية التي مهدت لقيام “ثورة عشرين ماي”.
وقام الولي بجولات دولية لشرح القضية الصحراوية وتسليط الضوء على حقائق كفاح الشعب الصحراوي من خلال عقد ندوات صحافية وسياسية في باريس والجزائر وطرابلس وبيروت وغيرها.
ورغم ذلك فقد أكد وجهاء قبائل الصحراء والفئة الواعية من شبابها المنضوية في البوليساريو في مؤتمر طرابلس الغرب 1975 في ليبيا وعلى لسان الولي مصطفى السيد نفسه انتماء الصحراويين للمجموعة الموريتانية، وهذا أيضا ما تدركه إسبانيا وتسلم به.
وكان اليسار الموريتاني لديه تصور آخر وهو أن على زملائهم في اليسار الصحراوي، عدم إدخال الجزائر في الصراع والقبول بحكومة وطنية كانت إسبانيا تنوي إقامتها لإدارة الساقية الحمراء ووادي الذهب تمهيدا لانسحابها من الإقليم، فهي تعيش ظروفا داخلية صعبة تتمثل في مرض رجلها القوي الجنرال فرانكو وكان الملك يستعد لتسليم المنصب لخلفه والبلاد مضطربة، فلوأن تلك الحكومة الوطنية قامت ستكون مثل حكومة المختار ولد داداه في موريتانيا “حكومة الاستقلال” والتي استطاعت رغم مآخذهم عليها حماية موريتانيا من أطماع الجيران.
وكانوا يرون أنه لو قبل الصحراويون بها لكانت نواة لدولة صحراوية مستقلة قد تندمج مستقبلا في فيديرالية مع موريتانيا كما سيتاح لها مستقبلا مراجعة الاتفاقيات مع إسبانيا والاستقلال عنها تدريجيا كما حدث في موريتانيا وأنها لو قامت لما اقتسمت موريتانيا والمغرب الصحراء.
حاول اليسار الموريتاني بداية السبعينيات إقناع الولي مصطفى السيد بهذه الفكرة وطلبوا الاجتماع به في باريس، من خلال صديقه المناضل اليساري الشهير الباهي محمد، ضرب الباهي موعدا للتجاني ولد كريم المتحدث باسم اليسار الموريتاني مع الولي مصطفي السيد في إحدى أمسيات باريس.
حين سمع الولي المقترح ضرب الطاولة بقبضته وأعلن الرفض قائلا: لقد أعددنا التيشطار وجمعنا الوقود والسلاح ولاندروفيرات جاهزات و شعارنا هو ” بالبندقية ننال الحرية”. لقد سبق السيف العذل ، لقد تبنينا الكفاح المسلح كوسيلة للتحرير ودحر الاحتلال الاسباني من الصحراء الغربية.
ضاعت الصحراء في صراع الجيران الأشقاء الجزائر والمغرب وموريتانيا.
ورغم ذلك مازالت موريتانيا هي الأخت الشقيقة والحضن الدافئ للإخوة سواء جاء الإخوة من الصحراء الغربية أومن تيندوف فهم ذات الإخوة المنتمين لذات القبائل اللابسين ذات الزي الواضعين ذات الراحلة على جمالهم المعدين ذات الشاي المصيخين لذات الموسيقى والمنشدين مع ولد الطالب ذات الحداء:
أقم صلوات الوجد بين المعازف :: على ولهٍ من لابسات الملاحف
عشية راق الجو وانداح أفْقُــه :: وماس بأرواح الشتا والمصائف
تمشّيـْـن في رمل أثيل ممهد :: يطأن على أطرافها والشراشف
تلحـّفن منها بالسواد غرائبا :: حدادا على من رام برد المراشف
فلا حسن في زي الأعارب مثلها :: على تالد للحسن فيها وطارف
لبسن بها الستر الجميل جآذرا :: وشلن نعام الغيد بين المواقف
وخلفن من غنج الدلال وسحره :: صريعا على أعتابها والمشارف
كامل الود
اكس ولد اكس اكرك