عيد المحبة/د:سيد احمد البشير

عيد المحبة

من لم يشعر يوما، بحرق الدمع في مصبه على الخد… لم يعرف بعد عمق المحبة في دناينا…!

دخلت منذ سنين قليلة، في حالة يرثى لها من الإحساس بألم فقدان رجال عرفت فيهم حبا صادقا لبلادنا… رجال، لا تربطني بهم أية صلة قربى غير صلة الوطن…
و لقد بكيت فراق هؤلاء، لدرجة شعرت فيها بحرق الدمع… بل و مازال جرح فراقهم حي، يدمي قلبي حتى يومنا هذا…

قد لا أكون الوحيد في هذا الإحساس… و لابد أن أمثالي كثر… و لابد بلادنا حبلا برجال من تلك الطينة الزكية الذين يستحقون منا الكثير من المعزة و التبجيل…
بأمثال هؤلاء النبلاء المحبين للحياة فينا و بقدر عمق ألم فقداننا لهم، نستنتج حقيقة أن الحياة كلها، محبة… محبة الخير للناس…
فلا تغرننا إذا ظواهرها السطحية اليومية المغطية على ذلك… لا تغرننا أشكالنا الصامتة، المنهمكة في البحث عن قوتنا اليومي… لا يغرننا حالنا المذهول بمغريات المدن الكبيرة و بكم المعلومات الرهيب المنصب فيها علينا و المؤثر على وعينا… لاسيما في هذه العقود الأخيرة.
لا يغرننا كلامنا البسيط في لقاءاتنا العفوية الذي لا يمت بأية صلة بذلك الجوهر بقدر ما هو فقط تفاعل سطحي تستوجبه الظروف العابرة…

هذا و بما أن اليوم يوم عيد، سيلتئم فيه الجمع في ساحة القصر الكبرى حيث سيعملون على أداء تقليد قديم، يوشحون فيه مواطنين لا يسعني إلا أبارك لهم مسبقا…إسمحوا لي بهذا الاستحضار لماضي قريب :
أيا ليت هذا اليوم كان قبل سنوات… و أيا ليتني أنا، الذي لم أرث أية علاقة بمخزن البلاد على قدرة في اختيار أولئك الموشحين لهذا اليوم الجميل، لكان يوم توشيح بكل معاني الكلمة… لكان حفل كله بهجة و سرور و فخر بطابور من محبي هذه البلاد الأجلاء يتقدمهم :
– السيد الفخر، محمد يحظيه ولد ابريدلليل و هو في أوج توجيهاته الوطنية، مشكورا نيابة عنا جميعا في بلدنا الحبيب…
– السيد الفخر محمد المصطفى ولد بدر الدين و هو في عز وضوح رؤيته السياسية لنا مشكورا…
– السيد الفخر حماده ولد اصوينع و هو في قمة نضاله الصادق من أجلنا جميعا مشكورا…
و لابد أنني سأكون في منتهى السعادة و أنا كذلك، أقلد في ذلك الطابور البهي، صديقيٌ العزيزين اللذين شاركتهما ذات أيام جولات في شوارع عاصمتنا لا حديث فيها إلا عن الوطن… و هما أخواي عبد الرحمن ولد خليفة و محمد ولد السالك و ذلك، بأوسمة العرفان و الامتنان …
و لابد أن سماء ذلك اليوم المستحضر، ستكون حبلى بمحبة وطن رحيم بنا جميعا و نحن رحماء به كذلك جميعا….

و بالعودة إلي مناسبة ٢٨ نوفمبر، أرجو أن تكون دائما مناسبة لإحياء المحبة بيننا و تكون كذلك مناسبة نترحم فيها على كلى من قضى من المسلمين و على من أحبوا منهم الخير لبلادنا العزيزة و على هذه الأسماء بالخصوص التي ذكرت أعلاه التي شهدت شخصيا على حملها هم بلادي بكل محبة و تفاني…
و أخيرا، اللهم، قبل أن تأخذني إليك رحيما بي، كما أخذت أولئك الأحبة العزيزين على قلبي، قبلي… فاشهد أنني عشت في دنياك مؤمنا بحجم تلك المحبة و واعيا لدورها كمحرك لا غنى عنه من أجل النهوض بها نحو الأفضل…

الدكتور: سيد احمد البشير

زر الذهاب إلى الأعلى