حديث الأربعاء، قصص وعِبر/محمد فال ولد بلال
حديث الأربعاء،
قصص وعِبر،
تأثرت في حياتي بروايتين أسطوريتين: رواية صينية وأخرى أمريكية. وكل من الدولتين – الصين وأمريكا – تجد نفسها وشخصيتها المميزة في بطل القصة المنسوبة إليها. تفتخر بها وتعتبرها سر نجاحها في التقدم والنمو.
– القصة الصينية
عندما كنا صغارًا في سبعينات القرن الماضي، كنا نناقش في خلايا “حزب الكادحين” ودوائر “الحركة الوطنية الديموقراطية” كتابًا صغيرًا بعنوان “المقالات الثلاثة الأكثر قراءة للرئيس ماو”. وفي واحد من هذه المقالات، كنا نتدارس كيف استطاع الرئيس “ماو” غرس وتنمية روح العمل والتضحية والقدرة على التحمل والصبر والثبات في أذهان الشعب انطلاقا من حكايات التراث الصيني.
يروي المقال قصة رجل عجوز يدعى “يوكونغ” يسكن في منطقة جبلية بشمال الصين. وكان منزله يطل على جبلين كبيرين يسدان الأفق أمامه، ويضيقون الحركة من و إلى بيته. وقرر “يوكونغ” إزالة هذين الجبلين بمساعدة أبنائه. و بدأ يضرب الجبل صباحا ومساء بفأسه العتيد. وكان بجواره رجل عجوز آخر، يُدعى “تشيسيو”، يضحك ويسخر منه ومن أولاده كلما رآهم في العمل، ويقول:
“ما هذا الغباء؟ إنك لن تنجح بمفردك أبدًا في إزالة هذين الجبلين! ».و يجيبه “يوكونغ”: “بل أستطيع، عندما أموت سيكون هناك أبنائي؛ وعندما يموتون بدورهم، سيكون هناك أبناؤهم، ثم أحفادهم. ومع تعاقب الأجيال، فإن الجبال ستنخفض مع كل ضربة فأس؛ فلماذا إذن لا ننجح في إزالتها؟”
واصل “يوكونغ” ضرب الجبال بفأسه يومًا بعد يوم. فنزل جنود من السماء إلى الأرض، ونقلوا الجبال على ظهورهم. واليوم، هناك أيضًا جبلان كبيران يثقلان كاهل الشعب الصيني: أحدهما الإمبريالية والآخر الإقطاع. ولقد قرر الحزب منذ فترة طويلة إزالتها. يجب علينا أن نثابر في مهمتنا ونعمل بلا كلل، فنحن أيضًا سنكون قادرين على إنزال جنود من السماء. وجنودنا ليسوا سوى جماهير الشعب الصيني. فإذا قام معنا، فكيف لا نطرح الجبال أرضا؟
– القصة الأمريكية
وفي نفس الفترة تقريبا، اطلعت على قصة أسطورية رائعة للباحثة الأمريكية “هاربر لي” بعنوان : “الطائر الطنان”.
تقول هذه القصة إنه في أحد الأيام، اندلع حريق هائل في غابة كثيفة من غابات “التونغاس” بالولايات المتحدة الأمريكية. وفرت جميع الحيوانات من الكارثة مذعورة، عاجزة، إلاّ طائر صغير (6-10 سم) أسمه الطائر الطنان. وقف وحده، وتصدى بشجاعة وعزم للخطر الداهم، حيث كان يلتقط من البحر بضع قطرات ماء بمنقاره ليلقيها على النار.
وأصبح بذلك رمزا للكرم والعطاء، ونموذجًا للشجاعة الأمريكية، لأنه كان يخاطر بنفسه في كل مرة لإنقاذ غيره من الحيوانات والنباتات والأشياء.
حاول إطفاء الحريق بقطرات صغيرة من الماء يحملها بمنقاره، وهو يدرك لا محالة أن عمله ضئيل؛ لكنه تسلح بالشجاعة والتفاؤل والصبر، وقرر أن يشارك دون النظر إلى قياس أثر فعله. وجعل همه الأول: أن يتصرف.
وتحكي الأسطورة أن هذا الطائر الصغير بصموده وشجاعته كان سببا في مشاركة حيوانات أخرى أكثر قوة ومقدرة منه. فكان بمثابة الزناد لإطلاق حركة إطفاء ديناميكية شملت بقية حيوانات الغابة. فابتسمت له السماء، و نزلت أمطار غزيرة على المنطقة أنهت الحريق.
وكان الرئيس “جون كندي” في ستينات القرن الماضي يفتخر بهذه الرواية، ويقول إن الشعب الأمريكي يواجه كارثة الحرب ضد المعسكر السوفياتي، لكنه سيتغلب عليها ويطفئ حريقها إذا ما تعامل معها بمنطق الطائر الطنان.
– تأثرت جدا بهاتين القصتين، وظللت أبحث وأسأل عن قصة موريتانية تكون لنا مصدر إلهام و دفع إلى أن وجدت الأخ سيدي محمد سميدع (رحمه الله) يحكي قصصا رائعة بطلها “ديلول” التيباري، رحمه الله…
– يتواصل بإذن الله