لا كرامة بدون قوامة، ولا قوامة الا لمن مكنه الشرع منها؛
إن الغرض من وجود سلطان الدولة هو حفظ الكليات الخمس، وهي: الدين، والعقل، والنسل، والمال، والنفس.
ويسعى الحاكم بالشرع من اجل خمسة: أن يحفظ عليهم دينهم، أن يحفظ عليهم أنفسهم، أن يحفظ عليهم عقولهم، أن يحفظ عليهم نسلهم، أن يحفظ عليهم أموالهم.
وكل ما يتضمن حفظ هذه الأصول الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول الخمسة فهو مفسدة.
ودفع المفسدة مصلحة. ودفع المصلحة مفسدة.
قال الإمام الشاطبي رحمه الله: “اتفقت الأمة بل سائر الملل على أن الشريعة وضعت للمحافظة على هذه الضروريات الخمس، وهي: الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل”.
والقاعدة أنه اذاتعارضت المصالح يقدم الأعلى منها وكذلك اذا تعارضت المفاسد يرتكب الأدنى منها .
ولعل قانون النوع المتوشح بالكرامة يعادل ساعة السراق الذين ذكرهم
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عند رده في إتهام الغرب له بأنه ديكتاتور و مهووس بالتسلح .فكانت إجابته بأن حكى قصة من التراث الروسي ،وقال ياساده. : كانت هناك عائلة تملك مزرعة واسعة، فيها خيول و أبقار و أغنام و تنتج حقولها و بساتينها غلات و خيرات وكان في كل أسبوع يذهب رب العائلة مع أولاده الكبار إلى السوق لبيع محاصيل المزرعة و جلب المال .. و كانوا يتركون شابا يافعا يحرس المزرعة و البيت الذي تبقى فيه النساء، و كان الشاب مدربا بإحتراف على إستخدام السلاح..
وفي أحد الأيام بينما هو يجوب أرض المزرعة و يحمي حدودها جاءه نفر من رجال ليكلموه فأوقفهم بسلاحه على مسافة منه، فلاطفوه بكلام معسول و قالوا له بأنهم مسالمون و لايريدون سوى الخير له، و لم يكن أولئك الرجال إلا عصابة متمرسة في النهب و السرقة و السطو …
أروه ساعة يد فاخرة و جميلة، و أغروه وهم يزينون له سلعتهم …
أعجب الفتى بتلك الساعة و أبدى رغبته في إمتلاكها، فحين وثقت العصابة من تعلقه بالساعة و هو يسألهم عن ثمنها، قالوا له بأنهم يعرضون عليه مبادلتها ببندقيته ..
فكر الفتى قليلا وكاد يقبل … لكنه تراجع ليقول لهم :
انتظروني إلى يوم آخر ..
انصرفت العصابة بعد أن فشلت في خداع الفتى .
وفي المساء حين عاد أبوه و إخوته حكى لهم القصة، و راح يذكر لأبيه فخامة الساعة و جمالها … فقال له أبوه :طيب … أعطهم سلاحك و خذ الساعة … وحين يهاجمونك و يسرقون قطعان ماشيتك و ينهبون مزرعتك، و يغتصبون أمك وأخواتك، انظر في ساعتك الجميلة و قل لهم وأنت تتباهى …آه إنها تشير إلى كذا و كذا من الوقت …
فهم الولد و تمسك بسلاحه بقوة و أدرك أن الغباء والاندفاع وراء العواطف يعني الضياع و الموت المحقق على يدي أعدائه …
وقداضاف بوتين : والآن الغرب يستخدم الديموقراطية و حقوق الإنسان و الحرية مثل ساعة فاخرة يريد لبسها الخونة ليحطموا ما في أيدي الشعوب من سلاح الوطنية وتماسك الصف و رفض بيع بلدانهم …
والبعض الأخر .. يغرون السذج بشعارات و ممارسات عقدية يستغبون بها بعض من يصدقهم ..
فلا تبيعوا وطنكم لتشتروا ساعة تعرفون بها مواقيت اغتصابكم و نهب بلادكم …
إن حفظنا على هويتنا لن يستقيم الا بالحرص على حفظ وتطبيق المتون التي هي حصون العلم وسلاح فطاحلة العلماء فيجرب معها المتعلم شاعريته ويحفظها في ذاكرته ايام طفولته فتتفتح بها عبقريته كما تحميه من الشرود والذهول ،فيعرفها معرفة مضارب قومه ، ولذلك اهتم بها الفحول وتباروا في تحريرها وتوضيح مقاصدها. يقول الامام الشافعي رحمه الله :
علمي معي حيثما يممت ينفعني :: قلبي وعاء له لابطن صندوق
أن كنت في البيت كان العلم فيه معي::اوكنت في السوق كان العلم في السوق.
يروى أن ابن حزم لما أمر السلطان بحرق مكتبته قال:
ان تحرقوا القرطاس لن تحرقوا الذي: :حوى القرطاس بل هو في صدري
يسير معي حيث استقلت ركائبي ::وينزل ان انزل ويدفن في قبري
وقد رصد رئيس الجمهورية جائزة لحفظ المتون وفهمها في بلادنا مشكلا بها عودة مباركة للطريق المنضبطة التي سلك سلفنا الصالح والذي جمع في المتون بين إيجاز الألفاظ ،وكثرة المعاني وضبط وحفظ سائر العلوم ، فيعرف كل قدره ويقف عند حده وبذلك تحفظ متون العلم من أن يعبث بها من لا أهلية له مما لا يملك العدة اللازمة لذلك ،فهنيئا لبلاد المنارة والرباط بجائزة المتون وشكرا لسياة الرئيس على الاهتمام بما هو أهل له ؛إذ لا كرامة بدون قوامة ولا قوامة الا لمن مكنه الشرع منها.
يحيى بيان