تطفل آخر على الكتابة/الدكتور:سيد احمد البشير
تطفل آخر على الكتابة
دعوني أدخل معكم اليوم، أيها الأفاضل و أيتها الفاضلات في حديث قد يجانب مشاغلكم في الساعة.
حقيقة تراودني منذ زمن رغبة في بوح مشاكسات أحد أصدقاء طفولتي… و ذكرى هذا الصديق الطريف، يبدو أنها اختارت لنفسها موضعا قريبا من الباب الضيق الذي ترى منه النور، من حين لآخر، كل ذكرياتي كلما ملت النوم في رفوف نسياني… و قد رفعت حرج التحفظ عنها لكم اليوم كما هو واضح لكم، و التحفظ هو الأصل في طباع النخب في بيئة الصحراء ؛ ذلك لأن الشخصية المتحفظة في الكلام و الغامضة فينا، أكثر مهابة و أكثر قيمة عكس حال الشخصية المفوهة المنفتحة في البيئات الأخرى…قد يكون ذلك التركيز على تغميضنا إما أنه انسجام طبيعي مع بيئتنا الأم الجافة أصلا… أو أنه ردة فعل تلقائية و نحن نرى بشرا مثلنا يعيشون برخاء في بيئات أخرى أكثر رحامة بكثير من بيئتنا…
على كل نحن في الصحراء كثمارها قليلة الماء عالية التركيز…!
بداية القصة : “الحسن، و هو إسم مستعار، هو صديقي المذكور و صديق كل مجموعتنا المكونة من أطفال الحي الذين يجمعهم الجيل الواحد و براءة الطفولة الجميلة و طيب سريرة الفقراء…
الحسن كان حقيقة يكبرنا و كان يكبر الجيل الذي نليه و لكن ما جعله أصلا جزء منا هو الفصل المدرسي الواحد و المحظرة الواحدة و اللعب الواحد… لا نفترق إلا في أوقات النوم و الأكل في البيت…
عرفنا الحسن معرفتين…
معرفتنا له الأولى كانت داخل البلاد قبل الهجرة الكبرى إلى عاصمة بلادنا الوليدة، لما كانت أسرنا تسكن في بيوت من طين و تشرب من ماء الآبار و تعيش على إيقاع مواسم الكيطنه في نهاية الصيف و على عودة “الرفكة” بالزرع على ظهور الحمير من هضبة العصابة القريبة، في نهاية الخريف. أيامها كانت شوارعها تتزين في كل مساء عند غروب الشمس، في وقت مهيب، بمسيرات بقرات كريمة رغم قلتها و رغم هزالها، وهي عائدة من الجبل المحاذي بخوارها الحلو الممتزج مع تلاوات عبقة لتلاميذ المحاظر الكثيرة…
كانت تلكم إذا هي حقيقتنا الأم في هذا المنبذ القصي في بعض تجلياتها…
هذا و لابد أن أكمل الصورة بذكر مدرستنا النظامية الواقعة على التلة المحاذية و ذكر شكلها المخالف تماما لشكل دورنا، فهي البناية الوحيدة المصبوغة و هي كذلك الوحيدة في القرية المشيدة بمعدات حديثة فيها إسفلت و حديد و واجهة ملونة…
كنا في تلك القرية، شِلة من الأطفال السعيدين اللعوبين و كان الحسن هو ألطفا و أعلمنا بالدعابة. كان يحبنا و كنا نبادله الإحساس. و لكن للحسن حقيقة أخرى، و هي الأهم، و هي أنه يعرف جيدا كيف يسلبنا ممتلكتنا دون ضجيج…
في مستهل تعليمنا الابتدائي مثلا، و في عمر الورود، كان الحسن لا يتوارى أبدا على الاستحواذ على نقودنا القليلة، و نحن في الطريق الطويلة الصاعدة إلى المدرسة. و هي النقود التي يسهر ذوونا على توفيرها لنا كل صباح لسد الرمق مما تيسر من أطعمة مليئة بالزيوت تعرضها باعة فقيرة وقت استراحة العاشرة تحت أشعة الشمس الحارقة. و هذه الفعلة تحرم بعضنا من الاستفادة من تلك الأطعمة في صمت مرير في انتظار العودة إلى الديار…
و لا أستطيع أن أنسى كذلك ما كان يفعل فينا لما صرنا في التعليم الثانوي في عاصمة ولايتنا و بدأنا نستلم منحة زكية كل ثلاثة أشهر. هذه الكنحة كنا نشعر من خلالها بنشوة و حيوية عجيبين لأيام لا تتجاوز أسبوعا كانت كافية بالنسبة لنا لمعرفة نسق حياة الأغنياء. و لكن الحسن كان يأتينا و يفسد علينا مهلة ذلك الاحساس بسلبه نقود بعضنا بعد أن يكون قد أدار فينا سمرا يطربنا فيه جيدا و يضحكنا فيه معا. لِيليَ ذلك استياء كبير ما نلبث أن ننساه.
لدينا معه أيضا تجربة مريرة مع ملابسنا. فالجميع يعلم أهمية الثياب بالنسبة للمراهقين المليئين بحياة يريدون تجسيدها بكل شعائرها، واقعا ملموسا على الأرض فلا إحساس يضاهي إحساس مراهق و هو يلبس ملابسه الجميلة أمام زملائه في الثانوية و أمام أهل الحي من الجيران.
هذه الملابس المقدسة بالنسبة لنا، لم تسلم هي الأخرى من الحسن ! فقد تعقب أثرها عند مغسلة حينا ذات مرة و اختفى بأغلبها، تاركا ضحاياه في وضع يرثى له…
من أقوى ضرباته، وهذا هو مثالي الأخير، هي تلك الضربة الموجعة التي كنت أنا ضحيتها لما كنت في بداية الثانوية. عندها كنت مهتما جدا بثقافة العالم إلا أن الكتب المعينة على ذلك كانت قليلة جدا. لذلك و من أجل إشباع فضولي، كان عزائي في مذياع صغير يسمح لي بالتقاط بث أمم كثيرة كنت كلما التقطت أثيرا جديدا لإحداها أحسست بغبطة عميقة لا توصف و كأنني استطعت بذلك الوقوف على نافذة تسمح لي بمعرفة أمة بأكملها.
ذاك المذياع العزيز… ذاك الصندوق السحري الصغير الذي كان حقيقة رفيق درب حقيقي لي في تلك التخوم البعيدة فقد كان يؤنس و بحرارة و بجدارة، وحدتي التي كنت أشعر بها و أنا في محيط لا أجد ذاتي فيه، اختفى هو الآخر فجأة بعد زيارة كريمة قام بها لي الحسن… لأبقى شهورا وحيدا مع ألمي…
دفعت منحتي الموالية بأكملها في مذياع آخر لكن مواصفاته كانت أقل بكثير من مواصفات مذياعي الأول…
تلكم إذا هي بعض الصور من مرحلة براءتنا و هي معرفتنا الأولى للحسن التي و كما فهمتم نجح فيها كلها في تمرير أفعاله فينا دون حس و بقِيَ فيها دائما ذاك الجزء الجميل من جداننا الذي لا يستطيع أن يكتمل من دونه…
٢ معرفتي للحسن الثانية مرتبطة بما صار بنا لما رحلنا إلى العاصمة. هذه المرة لم نعد نحن هم الضحايى. فقد كبرنا قليلا و قد تزامن ذلك مع الهجرة الكبرى نحو عاصمتنا الوليدة التي ذهبنا إليها كغيرنا في أمواج بشرية مهولة. أعتقد أنها هي الأكبر منذ نشرتها و حتى يومنا هذا !
في تلك الأمواج تقطعت إذا الأواصر بيننا كليا…
كانت العاصمة حقيقة، كل شيء إلا بيئتنا الأولى… إلا علمنا الأصلي. كانت حقيقة وقفة إبهار عجيبة. كأننا أجدادنا لما نظم لهم المستعمر زيارات لباريس المتقدمة على عالمهم بقرون ضوئية و إلى نانت حيث كانت تصنع “البيصات” الثمينات بالنسبة لأولئك الشيوخ ؛ تلك الرحلات التي كان لها دور كبير في تثبيت استعمارنا.
بهرتنا عاصمتنا إذا. كانت نسيم بحر عذب كل يوم بعد الظهيرة، ما شهدناه من قبل أبدا ؛ كانت صخب منعش لأناس طيبون كثيرون، قادمون من كل فج عميق و كأنهم سعيدون بملإِ قلوبهم بتعرف بعضهم على بعض ؛ كانت ما يشبه حفلا يوميا في كل زوال نجتمع فيه و أقارب الظرف الكثيرون حول طبق لم نكن نعرفه من قبل هو الآخر وهو الطبق الذي يتحلى بسمك وفير حلو المذاق . أخاف هنا من نكراننا لجميل ذلك المضيف السعيد برؤية هذا الكم حول مائدته) ؛ و في العاصمة في مساءاتها، جولات مرحة و لامبالية على كثبان ترتطم بموج البحر في مشهد خلاب يكتمل سحره عنما يكتمل القمر.
هذا من ناحية، من ناحية أخرى، الدخول في العاصمة كان أيضا بمثابة فتح لمنابع الفكر بالنسبة لنا. فالعاصمة في أيام الحرب الباردة بين السوفييت و الأمريكيين استفادت من نشاط غير مسبوق (و غير متبوع) لمراكز ثقافية كثيرة غنية. كانت مفتوحة على مصراعيها لكل الناس، عارضة عليهم كل الخدمات الثقافية و الترفيهية من كتب و أفلام و حتى من ألعاب عقل كالشطرنج. هذه المراكز كانت فعلا مزاراتنا المفضلة التي كنا نركض بين مقراتها كل مساء بحيوية الغزلان.
الدخول إلى العاصمة كان أيضا بالنسبة لنا بمثابة حجة إلى منبع الانتماء : إذاعتنا الوطنية.
إن الإذاعة كانت حقيقة صرحا وطنيا و حضاريا بكل المقاييس بالنسبة لنا. منها كانت تصل مسامعنا لغة عربية راقية فيها ‘مرق’ ثقافي عالي التركيز غير معهود من قبل، يقدمه رجال من بلدنا يبدو أنهم كانوا في الشام و لابد أنهم تعلموا سحر ذلك المرق الأخاذ هناك.
بالنسبة للانتماء، كانت الإذاعة بالإضافة إلى ترسيخها لهويتنا الوطنية بنشر ثقافتنا بكل مكوناتها في وعينا و في محيطنا القريب، كانت أيضا تبث على مسامعنا نسائم موسيقية رقيقة أخرى تداعب بها أرواحنا في أعماق صحارينا القاسية، و كأنها بذلك تريد أن تنبهنا على انتمائنا لثقافة العرب الممتدة شرقا !
فقد كنا فعلا دائما، كلنا آذان صاغية لتلك النسائم الرقيقة وقت القيلولة و قد كانا كذلك سمراؤها الأوفياء كل ليلة.
هي من عرفتنا مثلا على بلبل الشام فهد بلان و هي تبث “وا اشرح لها عن حالاتي…” و هي من أمتعتنا بسحر فنان الجيلين فريد الأطرش الذي حلق بنا عبرها مرارا على مساحات شاسعة منتشرة على أعرق قارتين في الكون و هو ينشد ما مضمونه “تونس أيا خضراء…” و هي من جعلت كل إثنياتنا تغني بكل لكناتها الجميلة “تعلق قلبي…”.
بالمناسبه لابد أن نعترف هنا بكون سوريا الشآم الجريحة الآن كانت أيامها قطرا عربيا عظيما و كانت داعما قويا للثقافة و الهوية في هذا المنتبذ القصي الذي قدر الله لنا أن نمثل الحياة فيه…
أخيرا، الإذاعة كانت أيضا أول مجمع للتواصل الإجتماعي فينا. من منا لم يسهر على بلاغاتها بكل محبة و مودة. فلكم أفرحت “آقول : ليعلم أهل فلان بنجاح الإبن فلان في الباكالوريا…” عوائل كثيرة في بدايات الخريف، في نهاية القرن الماضي، في أعماق البلاد، خلف المواشي و في واحات النخيل…
لنعد إلى صديقنا. لم تكن في الحقيقة العاصمة فقط تلك المحجة الفكريه العظيمة فقد كانت أيضا شيئا آخر…! كانت أحياء عشوائية صخيبة ملآ بالفقراء من أمثالنا. كانت بيئة بشرية كثيفة كافية ليختفي فيها الحسن اختفاء الحوت في الماء…
إن هذه الهجرة الجماعية الضخمة و المفاجئة التي تجاوزت بكثير قدرات العاصمة الإستعابية من حيث توفير الماء و الغذاء و الكهرباء و الأمن و الصحة و التعليم ستكون بيئة سهلة ينتشر فيها الفقر و الجهل و المرض و التشرذم الأسري. و بيئة كهذه، مناسبة جدا لشخص كصديقنا كي يعيش…!
فقد فهمت من كثرة ما رأيته في أكواخ مختلفة كمسؤول عائلي لها أنه امتهن ما يشبه : ‘أب أسرة مؤقت عند الطلب’ التي لابد أن صاحبها لا يتكلف رسوما و لا يمر بإجراءات طويلة و لا يتعب في توفير المؤونة… و لعل هذه المهنة الغريبة جاءت حلا لظاهرة ظرفية اتسمت بكثرة الطلاق تلك الظاهرة التي ستتسب في نسي نسوة ضعيفات في أكواخها وجها لوجه أمام الضياع الأكبر رفقة أطفال لا ذنب لهم فيه…! أيامها حقيقة، كان الناس متداخلون جدا و طيبون أكثر من اللزوم… كانوا ناسون لأنفسهم، تائهون في مسرح أغشتهم عظمته فصدق بعضهم طيبة بعض و اختلطوا دون استشراف حقيقي لمستقبلهم فافترقوا في ازدراء تام لمسؤولياتهم في حق أبنائهم.
تلكم إذا هي البيئة التي سيتحول فيها الحسن طيلة سنوات من عمره من كوخ إلى آخر مغاير و من امرأة إلى أخرى مختلفة تماما… و قد تبسمت متعجبا منه ذات مرة و أنا عائد من الجامعة لما صادفتني رؤيته من بعيد في أزقة أحياء الصفيح القصيرة و هو يداعب بحنان رضيعا بريء… و كانت تلك هي آخر مرة أراه فيها.
بعد استقرار العاصمة و اختفاء مظاهر الفوضى، كسدت حقيقة مهنة الحسن. و قد تزامن ذلك الاستقرار مع تغير عجيب في العالم و ذلك بين عشية و ضحاها، فقد اكتسحه طوفان من المعلومات عبر وسائط فردية ذكية قزمت أبعاد الإنسان فيه و رقمنته و رقمنت كل شيء من حولنا…
و لكن من حسن حظ الحسن أن بعض القرى الرعوية المتوغلة في الادغال الإفريقية لم تصلها بعد رسالة هذه الفوضى العصرية الطارئة..
علمت أنه لجأ إلى إحداها. كما علمت أنه أصبح هنالك رجل علم و عدل و حظوة كبرى في الفضل و التقدير.
بنى أسرة محترمة مع خيرة بناة أهل القرية…” انتهت قصة صديقي الحسن هنا.
تعقيبي :
حقيقة، كتبت هذه القصة المتواضعة محتوى و شكلا، مع نية مني مسبقة و حرص بأن تكون بمجملها مجرد إيحاء ؛ محاولا بذلك أن لا أبتعد عن طبيعة أهل الفضل الكتومة فينا نحن أهل الصحراء. و كذلك كتبتها مع إصرار، بأن يكون ذلك الإيحاء مليئا بالرموز لمن يعرف فكها و كأنني بذلك اقتربت من الثقافة الكونفيشيوسية التي لا تعطي إلا لمن يستحق في بعض أدبياتها.
و قد كتبتها اليوم حقيقة و أنا عائد من تجربة سياسية منهكة في داخل البلاد. و هي التجربة التي أحيت فيّ إحساسا مريرا كنت قد نسيته قليلا قبل هذا…
فقد تذكرت و أنا أخوض تلك السياسة الساخنة في أيام هي الأسخن في السنة في بادي الساخن أصلا، بمشهد الضياع الأكبر لأمتنا من المحيط إلى المحيط الذي أرق طيفا كبيرا من نخبتنا طوال العشر سنين الماضية ؛ و كأنها استنسخت خططه المعقدة بكل تفاصيلها لتطبقها بمقاسات أصغر بكثير، لتتناسب مع حجم مقاطعتنا الوديعة في أطراف اركيبه القصية. و هي الخطط التي شاركت فيها أدوات قبلية رجعية، تذكر بتلك الأدوات المذهبية الشنيعة بين الشيعة و السنة، التي بطشت فينا بطشا لا يضاهيه بطش القنابل الذرية في هيروشيما و نكازاكي و أعطاب مفاعل اتشرنوبيل و كارثة اتسونامي كلهم مجتمعين ؛ هذا إضافة إلى استخدام أدوات أيديولوجية فيها خبث خفي، لا تنتعش حقيقة إلا في بلدان فيها قهر و مؤامرات…
و هي كذلك التجربة التي ذكرتني بنظريات كاستون لي بوه التي تقول بأن الحشود في وقت الرخاء، بريئة قد يمرر فيها كل شيء دون مقاومة و هذه الفكرة هي التي تعتمد عليها نظريات السوق لترويج سلعها في العالم المستقر. و هي النظرية نفسها التي تقول بأنها قنابل خطيرة وقت التحرك لا تحسب للمستقبل أي حساب و أن اقتيادها في بوتقات عرقية أو مذهبية أو أيديولوجية بمثابة صب للزيت على النار، في تأجيج تلك الفوضى العجاب و هذا ما تم القيام به في عشرية الربيع الأخيرة في منطقتنا عبر إرساء فوضى خلاقة لشرق أوسط جديد يخدم النظام العالمي الجديد – و كأنني أحسست بالسموم التي تبثها اعلام الفتنة في عقولنا، ذاك السلاح الأقوى في تهيبج الحشود – في تصرفاتنا و نحن نخوض تلك التجربة.
و قد صدقت حشودنا في مقاطعتنا في تحركها السياسي الأخير ما ذهب إليه كاستوه في خبث الحركة على الحشد البشري…!
هذه التجربة المريرة إذا كانت هي صاحبة الكلمة الفصل التي جعلتني أتداعى، لأقول في نفسي : هيا سيدي أحمد ! اترك هذه القصة المتواضعة تخرج، لعلها تقول شيئا للأفراد و هم يقرؤونها في حالة انزواء عن الحشد فهم في تلك الحالة أحرار و أكثر ذكاء…
هذا و أتمنى أن لا أكون قد أتعبتكم كثيرا…
الدكتور/سيداحمد ولد البشير