لمن الحكم اليوم: لله، أو لغيره؟!/ – إشيب ولد أباتي
لمن الحكم اليوم: لله، أو لغيره؟!
/ – إشيب ولد أباتي
لعله من الأسئلة التي عرف الجميع الاجابة عنها، فصحح المعتقد قبل الانتخابات التي أثارت التساؤل مجددا، حول حكم التجار ” الأوليغارشية ” بعيد النتائج التي تم الإعلان عنها على لسان رئيس لجنة الانتخابات..
لذلك، يتساءل البعض ما الداعي لمعرفة ما هو معروف بداهة..؟!
فلا مبرر للتساؤل، إلا إذا كان من قبيل تكرار المعلومة في اطار الدعاية الهابطة، وترسيخها في اذهان افراد الجمهور المستقبل، او المفروض عليه ذلك..!
وهل من المتوقع من الكتاب الوطنيين، والقوميين على وجه الخصوص، أن ينافسوا غيرهم في نشر رسائل الإعلانات السياسية، والدعاية المنتشرة التي تصاغ بعناوين تسيل لعاب المواطن – وحتى “بافلوف” المسكين في قفصه الحديدي – ولقيمتها، اشترى القوم لها أكثر من مساحة في الجرئد اليومية، و الموقع الافتراضية، وو وزعوها في وسائل التواصل الاجتماعي المجانية.. ؟!
وإن كان البعض آثر الدعاية المصحوبة بظهور رئيس الحزب، او نائبه، أو ناشط اجتماعي معروف بوجهه الفاقع الذي غاب الحياء العفوي منه بفرط” الجلاجل”، وغاضت شرايين الاخلاق من وجنات الوجه الناشف رغم الصباغة الدهنية خلال ترديد صاحبه، او صاحبته للدعاية الصفراء، وهي/ هو يبالغ بوعوده “العرقوبية ” للمشاهد الجائع، وابنائه المشدودي الانظار على الهوائيات الرسمية، أو بالكتابة في المواقع الملصقة بالروابط في كل هاتف خلوي..
او توزيعها في وسائل” التواصل الحكومي” حصرا لتوزيع الأوامر التي تنفذها وزارة الاعلام، في توظيف ثورة المعلوماتية، وتطبيقاتها في التواصل الاجتماعي على لسان ” مفعول سياسي “..!
وعودة على بدء، للحديث عن نتائج الانتخابات، وقراءة النسب بعدد نواب “حزب الانصاف” المائة(100)، في القراءة الأولية للنتائج، والبقية ستأتي فيما يتوقعه المتفائلون – مثلي- من البرلمانيين الذين، سيطرحون دون ريب قضايا الوطن، والمواطن، ويقفون بالمرصاد أمام تلك الاتفاقات المجحفة جراء السرقات التي تقوم بها الشركات، مع المتآمرين من الوزراء، ضد ابناء الوطن الجوعى، نظرا لنهب الخيرات من الثروات الطبيعية التي جاد الله بها على جوف أرضنا، فاوصلها “حيتان الفساد” الى حسابات تلك الشركات التعدينية المحظوظة، فتسبب ذلك التوصيل الى حرمان افراد، وفئات مجتمعنا جراء الإيثار لمصلحة كل وزير، ومع غياب الوعي الوطني لدى كل نائب وقع، او سيوقع بغباء، ويشارك في الخطب الجلل، لأنه بذلك، كالمتعاون مع تلك الشركات التي تبرم الاتفاقات مع نفسها الى هذا الحد من تحالف الذكاء، والجشع، وتوقيع مغيبي الوعي من البرلمانيين الطامعين لإستخراج ثرواتنا من باطن الأرض، او من تحت مياه شواطئنا..
وحين تسيد فساد اصحاب الحظوظ الميمونة في حكومات شبع رؤساؤها، وزراؤها، فتظاهروا بالفساد المبرح ليرحلوا، ويهنأوا بما حصلوا، ثم أخذ الفساد دورة استطلاعية على محظوظين آخرين بما لا يقاس بحظ المواطن الموريتاني العتيس..!
اما الأوفر حظا في سجل الفساد ، فهو الوزراء القيمون على ابرام الاتفاقات، وبدون تردد، او مراجعة…!
واستدراكا، للتذكير بالتجارب المتكررة منذ اكتشاف الثروات المعدنية، والطاقية، أن الوزير و”رفيقه” من الكتاب العامين في الوزارات، هما الاكثر حظا من الجميع بالرشى – ج. رشوة – العينية سابقا، والنقدية حاليا، وذلك لدى تسهيل عمليات التآمر مع الشركات، وتحويل المناقصات إلى عملية صورية، غير أن التوقيع الملزم في الاتفاقات، هو ذلك الذي يصادق عليه تاجر البرلمان الجديد، وهو البديل لسابقيه من برلمانات الفئويين، والفنانات، والضباط المتقاعدين..
و قد لا يكون التساؤل واردا، عن ماذا يفكر فيه التاجر البرلماني المنتخب حول “البرتوكولات” السرية المصاحبة لكل اتفاقات الغش، التي حصلت – وتحصل – مع الشركات على الرخص لسحب مئات الملايين من عائدات “الريع” من الثروات الوطنية…؟!
ولذلك، فلا مبرر للتساؤل، لماذا أغلب المواطنين غير مطمئنين رغم ما نحسد عليه من دول الاقليم المجاورة نظر للأدوار المتوقعة التي سيقوم بها نوابنا التجار في ” حزب الانصاف” ؟!
لأن الفرصة، ستفوت على نواب المعارضة، وحتى الموالاة المداهنين، لكن الجميع، وإن اختلف في الأقوال فالمتفق عليه، هو الإذعان لطلب الحكومة فيما يؤكد الالتزام بما تعهد به رؤساء الاحزاب في آخر اجتماع مع فخامة الرئيس لتعزيز برنامجه في ” تعهداتي”، وبالتالي، فلا مبرر للأختلاف في المواقف على الأمور المتعلقة بسياسة الحكومة خلال هذه الفترة المصيرية، أو حتى الاعتراض المبدئي – فاحزاب المصالح السياسية، لجلب منافع مادية لرؤسائها، لأنها ليست احزاب مبادئ وطنية، أو قومية حتى تلزم الحكومة بما لا يطاق من تطور تحديثي، وتنمية اجتماعية – ، ولا تلقون بالا على الكلمات الصوتية البلاغية الطنانة التي، تعبر عن الاحتقان الذهني، لدى افراد الفئات المحرومة في مجتمعنا الفئوي، والتراتبي..!
وبالتالي، فالاعتراض، هو من جملة التمظهر الذاتي، والنرجسية،
أو قل البحث عن الذات، أكثر منه اختلافا لجلب مصالح عامة، لأن الكلمات الصوتية اصحابها، سيقومون عمليا بالبصم بالعشرة على برنامج الحكومة في جلسة البرلمان في نهاية ذات الجلسة التي نفخوا أوداجهم، وبثوا اوجعهم النفسية، فيها..! ????
وفي أفق المستقبل المنظون، فإن نواب المعارضة، والموالاة، سيعيدون للوعي الوطني ألقه الذي كاد، أن يتلاشى من الذاكرة المخدوشة في الصراعات السابقة على خشبة المسرح السياسي بين ممثلي اللائحتين: ” الخضراء”، و ” الصفراء” في المغفور له، ” الحزب الجمهوري” الذي يلحق له ثواب سياسة الاختلاف مظهريا، والاتفاق على ما كان يصدره رئيس”: القبيلات” على حد تعبيره في احتقاره للبناء الاجتماعي لمجتمعنا الذي، كانت تمثله في حكوماته نخبة الفساد السياسي، رغم ما تدعيه من وطنيتها، وتهافتها بالهتاف، وحث المواطنين على التصفيق بالشعار الغبي: ” صفقوا لمعاوية، أهل النعمة” من طرف اتباع الأتباع الذين كانت تزداد بهم نخبة الفساد يوما بعد الآخر طيلة حكم “الحزب الجمهوري” في الواحد والعشرين عاما (21 )، وهي الفترة التي تمكن فيها صغار المتملقين من التدرج عبر سلم ” اللحلحة” للوصول إلى أتباع ” الوكلاء” الكبار الذين كان حصرا عليهم التعيينات الوزارية، والتمثيل الحكومي في سفارات الخارجية…
بيننا الحكم لغير لله، هو اليوم خاضع لنسبة النواب من تجار ” الجملة ” اصحاب رؤوس الاموال الذين اوصلهم المال- ولا شيء غير المال – ، بعد أن سقط في التنافس معهم في الانتخابات المشهودة، صغار التجار ” الموزيعين” من متوسطي، ومحدودي الامكانات المادية..
ولذلك، لن يكون لزاما، أن يسأل سائل مرتاب عن” هوية” البرلمان، واهتماماته بناء على مظاهره الجذابة، والناطقة بما ستكون عليه سياسة الحكم من تأقلم سريع، سيعبر عن التوافق على منطلقات الربح، والمنافسة الشريفة، وذلك تطبيقات لمبدإ : ” دعه يعمل، دعه يمر”…
وعلى ذلك المنطلق، فمن لا يتوقع الخير العميم الآتي مع النواب التجاريين، فعليه من الآن، أن يفرح بإمكان أن تتطور سياسة الحكم للتفاعل إيجابيا مع نتائج هذه الانتخابات، و” للتكيف ” مع الفريق التشريعي بعد اخضاع كل الاقتصاد، ومنشئاته، وموانئه للقطاع الخاص لشركات المشرعين الجدد..
فالتاجر، لا يهتم بالأمور النظرية في الدين بخصوص السؤال اعلاه – لمن الحكم لله، أو لغيره ؟ –
لأن التاجر، اهتمامه ينحصر في نقطة واحدة، ألا وهي: الربح، وما اريكم ما الربح، واذا تربح تجارنا، وفاضت اموالهم، فستغمر، كالانهار الجميع، ويستغني المواطنون عن الزراعة، والدولة عن استصلاح الأراضي، وعن دفع التكلفة الباهظة في مجالات الاكتفاء الذاتي في القطاع الزراعي غير المربح خلافا للتجاري…
اما العقيدة، فمقياسها عند نواب التجارة في البرلمان الموعود، فقد يكون التنافس الشريف لبناء المساجد باسم التاجر على غرار بعض الجمعيات الخيرية التجارية في كل الاحياء، و مدن النواب، وقراهم، خلافا للمدارس، والمستوصفات، فلن تحمل هم التاجر البرلماني، اقتداء بعدم اهتمام الجمعيات الخيرية الحكومية،” تآزر”، والدولية، وحتى الاقليمية العربية، ولذلك فسيتراجع الاهتمام بالتنمية العلمية، والاصلاح التعليمي، ووالتعريب، لذلك فمن المتوقع ارتفاع نسبة الأمية في النشء الموريتاني للأسف.
بينما الحزب الحاكم، قد يأخذ استراحة محارب الى غاية الحملة الرئاسية نظرا لما قام به في الانتخابات خلال تطبيقه لمبدأ : ” الرجل المناسب في المكان المناسب “، ولو مؤقتا، وذلك عند توزيعه الوزارء في المناطق التي، تمكنوا من لعب أدوار – نوه القاصي والداني بها – خلال ايام الانتخابات، لأن مبدأ الحزب في الحملة، كان واضحا، وهو : ” أن الحكم، لمن تغلب “؛ وليس للأغلبية، ولأن عكس ذلك، سينزع الحكم المدني من قيادة العسكر الحاكم، ويأتي – لا قدر الله – بالمجتمع، الغوغائيين الذين لا يأتون بجموعهم إلى البرلمانات الوطنية، إلا في ثورة الجياع، فهل وصل المجتمع الى ذلك الحد؟
ليس بعد، ولعله في الطريق الى ان يصل الى النقطة الحدية…
حفظ الله بلادنا من كل شر، وعجل عليها بكل خير، وحصنها – يا رب – من أدوار المتسوقين تجار المائوية: ” نواب الراشي، والمرتشي” المنتقين من طرف نخبة “حزب الانصاف”، ولن الأخير اجتهد لإيجاد انسجام مضمون بين التجار، ووزراء الحكومة المرتقبة المسؤولة عن فرض ” الحوكمة” هذه المرة، لتحسين اوضاع المواطنين الاجتماعية تمهيدا للانتخابات المقبلة التي تدق هواجسها ” اكباد العيس” لمشايخنا، الأمر الذي من شأنه، أن يضمن للبلاد الاستقرار، و للمجتمع الأمن المهدد، لمشروعنا الانقاذي.. فلنقل معا:
حفظ الله مجتمعنا، ووطننا من التجار المشرعين، والمهددين لأمن المواطن في غذائه اليومي..