“قمم قمم …معزى على غنم” د/ – إشيب ولد اباتي
اختلفت العناوين التي اختارها الكتاب لموضوع واحد
-والكتابة عنه ليس من قبيل الكتابة على الكتابة، وإنما لتوعية الرأي الوطني والقومي. هكذا أفهم الكتابة على أساس الواجب، لا البحث عن الذات – ولعل هذا الاختلاف في العناوين. راجعا الى توصيف الكتاب للقمة، والآمال المعلقة في الهواء بخيط هوائي يدفعها التيار العاصف إلى الانفجار بعيدا عن الواقع، لتموت احلام الأمة اختناقا من هذه القمة، لأن الجامعة التي عقدت بالأمس – الجمعة الموافق: ٢٠٢٣/٠٥/١٩ م – ، بلا هدف اطلاقا..
والصديق شيخنا ولد احمد سلطان اختار لمقاله الرائع العنوان التالي:” قمة التحديات والاكراهات”، بينما كان اختاري للعنوان بتوصيف الشاعر مظفر نواب في قصيدته الهجائية لمؤتمر الجامعة العربية بحضور الرؤساء العرب في الأردن،، وكان عنوان تلك القمة، هو : ” قمة الوفاق، والاتفاق “، كمبدأين محددين لتحقيقهما، وقد عقدت في يوم ٠٨/ ١١/ ١٩٨٧م.
والآن ، لو قارن الباحث بين القمتين، لوجد ، أن الأولى ذات عنوان محدد بينما الأخيرة بلا عنوان، بمعنى بلا هدف عام لتحقيق مبدأ من الاجتماع، كوسيلة، بينما اعتبر الاجتماع بالأمس جامعا بين الوسيلة، والغاية معا بغض النظر عن التحديات، والمخاطر الجمة التي تواجه أمة العرب في حاضرها منذ اربعين عاما،، ومن المفارقات بين القمتين، أن الأولى قاطعت جمهورية مصر العربية نظرا لاتفاقية الاستسلام. والتطبيع الخياني ل” كامب ديفيد” المشؤومة، بينما كان اجتماع الجامعة بالأمس، بقيادة رموز نظام “كامب ديفيد” بقضهم، وقضيضهم ، ممثلين في كل من: أبو الغيط، المهدد بتكسير عظام جوعى العرب في “غزة هاشم “، تأتي المقادير، وسوء حظ الأمة في أن يصير – بضم الياء، وتضعيف الياء الأخيرة، ونصب الراء – رئيس الجامعة العربية الذي كان وزيرا للخارجية المصرية إلى أن جاءت ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١م.واسقطت طاقم النظام المتغطي بأمريكا على حد تعبير رئيسه ” مبارك “،، وكذلك الرئيس السيسي، كقائد عسكري، ويقال انه هو الوحيد الذي احتفظت به المخابرات الأمريكية حيا لخدمة امريكا، حيث نصحته بعدم السفر في الطائرة المصرية التي نقلت العقول العسكرية التي، كانت تتدرب في امريكا، وتم اسقاط الطائرة بصاروخ امريكي سنة ١٩٩٩م.
فضلا عن قادة الخيانات العظمى، ك”محمود عباس”، وعبد الله ملك الأردن، وممثلي الأمارات، والبحرين، والمغرب، والسودان..
وبالإضافة الى استضافة الصهيوني، زيلينسكي،، الممثل الصريح بولائه للكيان الصهيوني، وقيادة حرب امريكا في ” أوكرانيا.
ولعل من الأهداف الشخصية، تقديم الاجتماع للأمير محمد بن سلمان، كملك للسعودية في تغييب متعمد لوالده سلمان، ومن الكتاب من لا يستحضر ذلك، فلعل سبب ذلك، هو اقترابه من ضوء التلفاز الذي اغشى بصيرته، على أساس القاعدة الفيزيائية، أن ” كثيرا من الضوء ( والمقصود: العقل)، يعمي ،ياديكارت” – على حد تعبير ” بلزاك” الروائي الفرنسي –
غير، أن الكثير من الكتاب، ومنهم استاذنا العزيز، وصديقنا المبدئي ” إسلمو ولد مانا”، قد نظر إلى المؤتمر من زاوية حدودها القصوى ( ٣٥ درجة)، لذلك لم يترائى له من قادة الاجتماع، الا “بشار الأسد”، وهو على صواب حين رأى فيه تمثيله لحضور سورية المغيبة بكل اجرام، وخزي، وانحطاط للعقل السياسي العربي الحاكم في دول ” الموز” المتأمركة، والمتصهينة صراحة باتفاقات خيانية، و بمؤتمر( السلام الابراهامي ) في نواكشوط.، و باستقبال حجاج الصهاينة في تونس..!
والآن اطرح الموضوع الجوهري من الاجتماع في السؤال التالي:
ماذا تمثل الجامعة، كمؤسسة وظيفية، اوجدتها الامبراطورية الامبريالية الانجليزية في محاولة لتخدير العقل السياسي العربي الثائر حينئذ، لقتله بالجامعة المفرغة من كل تفعيل في سنة ١٩٤٨م بعد القضاء على الحلم العربي، وافشاله انجليزيا بمشاريع مخيبة للآمال العربية باقامة الممالك التابعة للتأجير الانجليزي في كل من مصر، والعراق، وسورية، والأردن، واقتطاع فلسطين كقاعدة عسكرية حامية لمصالح الغرب،،،؟
لقد أوضح الاستاذ شيخنا ولد احمد سلطان، الجانب الوظيفي للجامعة العربية، وذكر تفعيل دورها على العهد العربي الذهبي، عهد التحرير، والاستقلال الوطني، والقومي،،
ولكن من الأخطاء التي لم يتم التغلب عليها، او بمعنى آخر عاجل الزمن الرديء وتحديات لقادة الثورة العربية بقيادة جمال عبد الناصر رحمه الله، ليس اعادة بناء مؤسسة الجامعة العربية، على اطروحات شيخنا المقترحة، وهي طروحات تميل الى التصور المقارن بين المؤسسات الرخوة في الوحدة الأوروبية، كالبرلمان، واتحاد الجمارك، ومن ثم اسقاط بواباتها..ووحدة المصارف، والسوق العربية المشتركة،،، ولكن يستثى من كل تصوره المحاثي للطرح الليبرالي، وحدة الدفاع العربي المشترك، وهي موجودة في الجامعة العربية، ولكن بدون تفعيل.
لذلك كان على قادة الثورة، ومن اوليات العمل الثوري، اسقاط “الجامعة العربية”، هذا المشروع السياسي النظري، التنفسي جراء الاحتقان، وامتصاص غضب الجماهير العربية من المحيط الى الخليج، لأنه مشروع تخديري… واحلال محله، وحدة عربية فورية في شكل اتحاد، يحفظ للأنظمة القطرية استقلالها الذاتي في إطار فيدرالي، وهو يلزمها بوحدة الدفاع المشترك للتحرير، وإزالة الحدود، ووحدة التمثيل الخارجي، ورئاسة دورية مؤقتة في غضون فترة ٣٠ عاما، حتى يتربى جيل عربي – على الأقل – على قيمة الوحدة، لترتبط بها مصالح الافراد، والمؤسسات، ويستحيل تفكيكها، ومن بعد، سيأتي الوقت لتطوير القيادة، بانتخابها، ووضع برلمان بالتزامن مع ذلك،، وهذه مقدمات تابعة للتطور، والتقدم العربيين…
اما بقاء الجامعة العربية في فترة الستينات، فهو في تقديري النسبي من الأخطاء التي لم يمكن التغلب عليها حينئذ، ومن الأكيد أنها كانت حاضرة في العقل السياسي العربي التحرري لقادة الثورة العربية في مصر، و سورية، و العراق. و الجزائر، اليمن، وللأسف بقيت الجامعة العربية، كالجسم المريض الذي يطعم بالمهدئات التسكينية، وهو يعتاش على الآمال العربية، ولكن تحركه اعصاب، وهياكل عظمية نخرتها الخيانات، والمؤامرات، وكان من أسوئها اطلاقا، استدعاء حلف” الناتو” لاحتلال العراق في التسعينات، ثم احتلال ليبيا في ٢٠١٢م، وإخراج سورية من هذا الهيكل المنخور، ليكون استدعاؤها، انجازا، ومتنفسا للعرب، وقيادة تاريخية ل”بشار الأسد” على رأي استاذنا ” إسلموا ولد مانا”، لكن ماذا يمثل حضور هذا (القائد) الذي سجله يوم ١٩ من الشهر الخامس في سجل الابطال التاريخيين؟!
لعل قادة الجامعة العربية، استعادوا نصيحة ” هانئ بن مسعود الشيباني ” ل” النعمان بن المنذر ” بأن يستسلم، ل”كسرى” ملك الفرس الذي توعده”،
وعلينا أن نسأل عن العرض الاختياري الذي قدمه قادة الجامعة بالامس ل” بشار الأسد”، باحضار ، الصهيوني المجرم ” زيلينسكي” الصهيو – امريكي”، وهي رسالة، كان ينبغي استحضارها في قراءة الحدث السياسي المفرغ من كل مضمون عروبي، وليس الأمر يتعلق بالقرارات الواعية…
وفي تقديري الشخصي، انه حدث سياسي بلا قيمة، لأنه جاء بعد “مسيرة الاعلام الصهيونية” لاحتلال القدس دون ان يتطرق اليها،، واتمنى أن تأتي المتغيرات القادمة بما يؤكد المؤمل بانخراط” المنبطحين” من قيادات العرب، ون جامعة الهوان في احلام اليقظة متمثلة في تعزيزها لحلف المقاومة العربية الفلسطينية واللبنانية، واليمنية، والسورية..
وان يرفض “بشار الأسد” مشروع الاستسلام للأمريكي، لأن الأمريكي، سيطالب بسورية، والمقاومة العربية في فلسطين. ولبنان، واليمن، والعراق على غرار مطالبة “كسرى” ملك الفرس، بثروات ” النعمان بن المنذر” بعد استسلامه، وقتله إياه..
فهل إن حضور الشروط التاريخيةفي بداية القرن السابع الميلادي، في حاضر الأمة العربية في القرن الواحد والعشرين، سيؤدي حتما إلى معارك الشرف على غرار معركة ” ذي قار” سنة ٦٠٩م، وتهزم امريكا، ويتم القضاء على الكيان الصهيوني في فلسطين، كما انهزم كسرى ملك الفرس، لتتحقق الآمال العربية على عهد” الجامعة”، وقادتها ” المطبعين، “، لا، بالتمنيات العمياء بصرا، وبصيرة، بل بالمواجهة، واسقاط مشاريع الخونة الخيانية؟