ماذا قدم الدكتور بيّان للجالية؟
ماذا قدم الدكتور بيّان للجالية؟
في سؤال لأحد الأفراد الجدد في الجالية الموريتانية في أمريكا في “مجموعة المنتدى” على الواتساب، قال: “ماذا قدم المرشح الدكتور بيّان للجالية؟”
فرد عليه المهندس محمد سالم ولد الخوماني بالقول:
إليك، أخي الكريم، جوابي عن “ماذا قدم المرشح الدكتور بيّان للجالية؟”
رغم عدم إحاطتي بالموضوع، لكنني سأقدم منه ما كنت شاهدا عليه خلال معايشتي للدكتور في نفس المنطقة تقريبا خلال العقدين الماضيين.
اجتماعيا:
انخرط د. بيّان بعد قدومه إلى الولايات المتحدة سنة 2002 مباشرة في قضايا وهموم الجالية، فسعى، صحبة آخرين، إلى تنظيمها وبناء مكتب يتولى إدارة شؤونها. وتولى هو بنفسه رئاسة مؤتمرها العام سنة 2003. ومن يمتلك أرشيفها الآن سيجد أول نظام داخلي للجالية في منطقة واشنطن الكبرى مخطوطا بيمينه. ومن أجل نفس الهدف سافر إلى ولاية كنتاكي (معقل الموريتانيين حينها) في نفس العام من أجل الحث على التنظيم والوحدة والتكامل الاجتماعي.
وقد كان حاضرا في جميع هموم الجالية منذ أول يوم: يجمع “اللوحات” للمعتقلين منها والمرضى والمتوفين، رحمهم الله. بل ويسافر مع من يحتاج من المرضى في الحالات الحرجة أن يتم اصطحابه وإيصاله إلى موريتانيا.
وبعد أن أنهى دراسته أصبحت مساعداته المالية أهم رافعة للعمل الاجتماعي في الحالات الاستعجالية (بسبب تبرعاته الكبيرة مقارنة مع الآخرين). وهو مع الناس في المستشفيات وإدارات الهجرة، مترجما ومعينا. هذا مع ما يتميز به من أخلاق عالية وصدق وأمانة.
ورغم غلاء خدمات طب الأسنان في الولايات المتحدة، وأنه هو من أبرز نظرائه في منطقة عمله في واشنطن، وأدعوك بالمناسبة للبحث في Google تحت اسمه المهني Abdallahi Sidi El Moctar لتجد شهادة المرضى الأمريكيين على خبرته وتميزه بين نظرائه هنا، رغم ذلك ظل يقدم الخدمات التشخيصية (استشارات وأشعة) مجانا لجميع الموريتانيين المقيمين والزائرين الذين لا يملكون تأمينا صحيا. وإذا كان في عيادات غير عيادته يخصم جميع أتعابه ومستحقاته المالية من فواتيرهم ..إلخ. فكم من موريتاني اتصل به ليلا أو نهارا بسبب آلام يعاني منها هو أو أحد أبناءه أو أفراد عائلته فوجدوا فيه المعين والناصح الأمين.
أخي الكريم، الدكتور بيّان له أيادي بيضاء في العمل الخيري والخدمات الاجتماعية حتى مع غير الموريتانيين، فقد نظم الأيام التطوعية في الولايات المتحدة في عيادته بالتعاون مع المساجد والمراكز الإسلامية، ونظمها في مخيمات اللاجئين السوريين المهجرين بسبب الحرب الأهلية في تركيا، ونظمها في المدارس وفي ابيكات وفي الأحياء الفقيرة في موريتانيا.
مع ذلك ظل يرفض أن يترشح لأي منصب في مكاتب الجالية، رغم نشاطه فيها ورئاسته لمؤتمراتها العامة سنة 2003 و 2014. وكان يقول إنه مؤمن بأهمية تنظيم الجالية وبمكانتها عنده، وسيظل يخدمها، ولا يحتاج موقعا رسميا من أجل القيام بذلك. ولعلمكم فقد كرمته جالية منطقة واشنطن الكبرى على خدماته، يناير 2020.
سياسيا وحقوقيا
كما هو معلوم، لا يمكن فصل خدمة الجالية عن خدمة الوطن ككل، فهي منه وخدمته خدمتها والعكس صحيح. وقد عرفنا د. بيّان سياسيا خلال العقدين الماضيين مناهضا للظلم والفساد في موريتانيا، لا يجامل في ذلك ولا يمسك العصا من المنتصف (وهذا ما تنقمه عليه الموالاة). فقد نظم المظاهرات المناهضة لظلم وانتهاكات نظام ولد الطايع، وعمل سوية مع تنظيمات المهجر من أجل الاصلاح السياسي في البلد طيلة فترة مقامه في الولايات المتحدة. وكانت له مواقفه القوية الميدانية من الانقلاب على سيدي ولد الشيخ عبد الله، رحمه الله، ومن الاختلالات الحقوقية والسياسية لنظام ولد عبد العزيز وولد الغزواني.
وفي المجال الحقوقي، ورغم حساسيات ملفاتهم وتهيُّب الكثيرين، تقدم ولد بيّان وحمل لواء قضايا الموريتانيين المحتجزين في اغوانتنامو (أحمد ولد عبد العزيز وولد صلاحي)، فترة رئاسته للمرصد الموريتاني لحقوق الإنسان، تنسيقا مع المحامين الأمريكيين والموريتانيين، وتواصلا مع الإعلام والحكومة الأمريكية، وضغطا من خلال التظاهرات والوقفات، حتى أطلق سراح أخرهما (ولد صلاحي) سنة 2016. كما وقف مع جميع القضايا الحقوقية العادلة في موريتانيا. ولا يزال التقرير السنوي الذي ظل يصدره المرصد أيام ترأسه له هو المرجعية الحقوقية لحالة موريتانيا، في السنوات التي ترأس فيها تلك المنظمة.
أخاف الإطالة في ما أعرف من خصال الرجل وخدماته للجالية ولموريتانيا، رغم أني لا أحيط بها. وأقول في الأخير إنني ألتمس لك العذر، أخي الكريم، لأنك ذكرت بأنك قادم جديد على الجالية. وإلا فإن من يسأل عن خدمات د. بيّان للجالية أولى أن يُسأل هو عن علاقته بها. لأن من عايش همومنا خلال العقدين الماضيين، كجالية، لن يطرح مثل هذا السؤال قطعا.
المهندس محمد سالم ولد الخوماني – منطقة واشنطن