اعلموا حفظهم الله / محمد أمين

بسم الله.. والصلاة على سيدي.. وحبيبي رسول الله..

وعلى آله الكرام الطاهرين ، وعلى صحبه الغر المحجلين ، وعلى من تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد ،

اعلموا حفظكم الله :

ان اعلاء كلمة الله.. والسعي لرفعة المسلمين.. وتمكينهم من القيام بدورهم الحضاري الانساني المشرق هو لب الدعوة الاسلامية ومقصدها الاسمى..
وهو بطبعه مسعى خير، لما فيه من تزكية الانفس ورقيها، ولما يجسد من تلمس الانوار الربانية والتمسك بعروة البر الوثيقة .

ان تحقيق هذا الهدف العظيم لا يحدث الا بالمغالبة..
اي مغالبة النفس والهوى..
ومغالبة المعادين للملة القويمة
ومغالبة الحاسدين للرسالة المحمدية التي ختمت عبرها رسالات السماء
رسالة نبينا الخاتم المزامنة لاكتمال العقل البشري
ولنضوج الانسان الذي صقلته التجارب..
وهذبته الكتب السماوية التي جاء الكتاب
مشتملا على معانيها ومصدقا لما فيها من حقيقة.

اقول ذلك لأننا في وقت عصيب اختلط فيه الغث بالسمين
والتبس فيه الحق بالباطل ايما التباس..
فاغلب الناس هنا يظنون سذاجة وجهلا
ان الجهاد الذي تدعوا اليه الاصولية فرض واجب..

والحق ان المغالبة التي انبثق منها فرض الجهاد اشمل من المقاتلة واعظم..
وما القتال الا فرع يباح عند الضرورة القصوى بعد اكتمال شروطه.
ومن شروطه ان لا يكون الا بسلطان ، حائز على جمع الناس في صد عدوان ،
ولديه القدرة عليه.. والا كان سفاهة وتعريضا لحيوات الناس للهلاك الاكيد..

ومن اجمل ما قيل في ذلك، ما قال العلامة المجدد الشيخ سيديا بابه في نازلة “طلوع الفرنساوية” على هذا القطر اذ بعد المعاينة اعتبرها تسخيرا ربانيا لصالح المسلمين فاسقط المغالبة والمجاهدة من اجل الاهم.. وهو السلام و”العافية” لكونها الشرط الضروري لانشاء دولة سيكون لها بيت مال وقدرة على اعلاء كلمة الله.

وقد اظهر التاريخ حقانية المسعى الذي سعى اليه : فمن رحم “طلوع النصارى” ولدت الدولة الموريتانية الحديثة، التي نجحت في افشاء السلام بين العصبيات المتناحرة وهاهي تضع هذا المجتمع البدوي البدائي على سكة النماء بوضوح وجلاء لا يشكك فيه الا مكابر اي انها وضعتنا في حالة لا تعقل مقارنتها بالوضع البائس الذي كان فيه هذا الشعب المسلم فطرة واحتسابا.

وقد اعترف العلامة محمد حبيب الله ولد مايابى.. بعد ان جال في الاقطار المسلمة، وعرف حقيقة الهوة بينها والدول الاستعمارية.. بصدق ماذهب اليه الشيخ سيديا..

فتاب الى الله..

وارسل اليه معتذرا رجوعا الى الحق..

وتجنبا لغلواء الحسد.. وشياطين المكابرة..

ولعل ذلك سر اهتمامه بطبع كتب العلامة المجدد في مطابع مصر ومتابعة ترويجها بين اهل العلم والدراية.

يا عباد الله ..
اتقوا الله، واعلموا:

اننا لسنا بدعا من الامم..

فقبلنا فهم دهاة العالم حقيقة المغالبة وطرائقها المختلفة..

واليكم ماذهب اليه المستشار الالماني آيدناور الذي تسلم مقاليد السلطة في بلاده وهي كلها تحت الركام بفعل قوة التدمير الذي تعرضت له بلاده..

ساعتها كانت المانيا خرابا يعمره شعب من الايتام والارامل ..

تولى ايدناور مهمة ايقافها من تلك الكبوة..

ونجح في مهمته ايما نجاح.

حيث اقنع الالمان بنزع فتيل الشرور في انفسهم..
وتجنب الفاشية..
وصرف الطاقة الموجودة فيهم نحو الانتاج
وتحصيل المهارة والتعليم والحضارة ..
وماهي الا سنوات قليلة حتى اصبحت المانيا
بلدا نموذجيا للتقدم والعزة والمنعة.

واليكم ما ذهب اليه امبراطور اليابان الراحل هيروهيتو الذي دمرت بلاده ..
وخسفت مدنه تحت السلاح الذري..
فطفق يجمع جثث القتلى ويشيد المدارس والمصانع..
وماهي الا سنوات قليلة حتى صارت اليابان فلتة زمانها
والمثال الذي يقتدى في كل وجهة.

ان الطاقة التي يصرف شبابنا في القتال بحجة الجهاد

كان الاسلم ان تصرف في التشييد والبناء..

فانحسار دور المسلمين ، وتقاعسهم نتيجة مباشرة لتخلفهم العلمي والتكنولوجي

وهنا مصداق قول الحق عز وجل : وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ.

فرباط الخيل بمعايير زماننا هو القوة الفادحة التي تصلح للمباهاة والردع وهي القوة التي لا تحصل الا بتراكم علوم الفيزياء الكبرى.. والتقانات النادرة.. وتوافر الهدوء المكتمل لتحقيق هدف اللحاق.. ثم التجاوز نحو المبادرة والتمتع بالعزة القعساء؟

غير ذلك ارتجال وشطط

وخاتمته الفشل ..

ومن يشكك في خيبة الارتجال فلينظر ما قام به شباب مسلم نقي على الفطرة حين ظنوا انهم بتقديم حيواتهم قرابين رخيصة في الحادي عشر من سبتمبر 2001 سيغيرون مجرى الاحداث.. فدمروا عمارتين ..وقتلوا من الابرياء ما قتلوا ..

وتم تدمير بلدين كبيرين..

وتشريد شعبين عظيمين..

في اعقاب ذلك العمل المرتجل والوخيم..

ان اكبر تبديد لطاقة الشباب المسلم هو جره الى الفتن والحروب ..

ودفعه لهجران مراكز البحث العلمي والجامعات ومدارس الهندسة..

التي هي الطريق الوحيد لاستعادة امجاد الماضي الفاخر..

لذلك فان المغالبة المفيدة هي تلك التي تثمر

وليس المقاتلة العقيمة والعدمية..

اللهم انزل الرحمة على عبادك..

وألهمهم الحكمة والطمأنينة وارشدهم سواء السبيل..

اقول قولي هذا..

واستغفر الله لي ولكم..

محمد ولد أمين

زر الذهاب إلى الأعلى