جمال مدينة كيفه قتلوه ام صلبوه!
جمال مدينة كيفه قتلوه ام صلبوه!
بخبزها الساخن وكاسات شايها المنعنعة وأركان حوانيتها الدافئة، وأخلاق أبنائها الرقيقة، كانت تقابلني سوق مدينة كيفة الحبيبة، أيام كنّا نسكن قريبا من محطة الوقود الوحيدة بذلك السوق المعروفة بمحطة الطالب ولد السنهوري ،على الشارع الرئيسي الذي تمر منه يوميا ميئات الحوائج القادمة من الجنوب محمولة على الثيران والحمير لتنزل عند أمير ذلك السوق :”لغظف ولد ام أكرين ” ،فيجلب فيها الزرع والكارور واميجيج والكلية والدهن واللحم المجفف… فيشتري الجميع منه حوائجكم مباركة ومبروكة ،كما كنا نتحدّث في كلّ شيء، الأدب والثقافة والسياسة والفن والرياضة، ونروي النّكت الجديدة والقديمة بكرة وعشيا ، وكم أذكر نظافة شوارع ذاك السوق، اذ لم أكن أتصور أنه بعد أربعين عاما ” سيفشل القائمون عليه في الحصول على أبسط قوام مظهر يجنبهم هذا السخط المحزن… كان عليهم ألا يفشلوا في نيل احترام خمسة أعوام على الأقل من مأمورياتهم جميعا. كلما عدت لمدينتي كيفة الحبيبة لأ زور قبر امي وابي و أقرأ الفاتحة عليهما.. وجدتني مذنبا إن لم أكتب وأفكّر فيما آلت إليه مدينتي التي احبها كأيّ طفل يحب امه…
بقيت مدينة كيفة شامخة شموخ جبال لعصابة وهي تتسع وتسع كل ما يرمى به فيها من طارف وتليد ..وكانها تقول :
وتجلُّدي للشَّامتين أُريِهمُ *** أنِّي لريْبِ الدَّهرِ لا أتضعْضعُ
وهم يحسبون عليها من الوزراء خمس وأنها ترث بالفرض وبالتعصيب.
كُلُّ المصائبِ قد تمُرُّ على الفتى *** وتهونُ غير شماتةِ الأعداءِ
يحيى بيان