اعمارتْ TP كارثة وطنية منسية
اعمارتْ TP
كارثة وطنية منسية
المكان: مدينة أطار عاصمة ولاية آدرار
الزمان: يوم الأربعاء 5 أغسطس 1981
على تخوم الساعة الثامنة صباحا
المكان الجانب الغربي من حي أغنمريت، بمكتب الأشغال العمومية في مدينة أطار، المعروف بـ (TP:Travaux publics) شرق السجن المدني
وجنوب ثكنة الحرس(كارتْ الگرْدْ)،
هناك دوّى الانفجار العظيم
كان صباحا عاديا من صباحات موسم الگيطنه في آدرار.
كان في مخزن المكتب مواد من مادة (الديناميت) شديدة الانفجار المعروفة محليا بـ (المِينْ)
استيقظ حارس مبنى (TP:Travaux publics) باكرا كعادته، وأرسل ابنه لجلب الخبز، استقل الابن درّاجته وانطلق ليكون الناجي الوحيد من الأسرة.
كان الناس قد بدأوا يتوجهون إلى سوق (أبْدِيهْ) في امباركه واعماره.
أوقد الحارس النار في الكانون وأدخله في الغرفة (المخزن)
هل سَرت الحرارة إلى أصابع الديناميت، وكان ماكان..
هل حدث حريق داخل المخزن ..
لم تمض إلا لحظات حتى انفجر الدييناميت جراء الحرارة والضغط.
اهتزت أغنمريت لهول الانفجار .. تطايرت أبواب ونوافذ منازل امباركه واعماره، وسمع دوي هائل في گرن الگصبة ولبريزه، واهتزت الأرض في آمدير لكبير وآمدير اسغير وكنوالْ وتِرْوَنْ لحمار و الطَّوازْ وتُونگادْ..
أهل تيارت وأهل امْحيرثْ سمعوا الانفجار وظنوه تفجيرا داخل عين ماء حيث يستخدم السكان عادة الديناميت لتكسير الطبقات الصخرية التي تعترض حفر العيون.
غطت سحابة من الغبار والدخان سماء أغنمريت وهرع الناس وسط الصدمة إلى مكان الحادث يظنون القيامة قامت.
المشهد مرعب، كان شيئا لا يصدق، الناس مصدومون والأمر صعب للغاية، الناس أمام هول كبير لم يروه من قبل، مدينة تحولت في ثوانٍ إلى ساحة حرب ولكن بمشاهد أصعب..
تناثرت أشلاء الضحايا ومزع اللحم الآدمي في الطرقات وداخل السوق وفوق سطح السجن المدني وعثر على بعض الأشلاء على مسافات بعيدة.
رائحة الموت في كل مكان، بدأت السيارات الخاصة تنقل الجرحى، وبدأ الناس يجمعون أشلاء الموتى
و عند الساعة العاشرة وصلت طائرة الخطوط الجوية الموريتانية قادمة في رحلة اعتيادية من نواكشوط وخصصت رحلة عودتها لنقل المصابين إلى نواكشوط.
من لطف الله ان الكمية لم تكن كبيرة بل كيس او اثنان فقط حسب ما شاع وقتها فلو كان المخزن مليئا بالمتفجرات لنسف نصف المدينة الصغيرة حينها.
ومن لطف الله كذلك أن أغلب السكان كانوا لا يزالون في واحات النخيل في الوديان خارج المدينة أثناء العطلة الصيفية، فقرب مكان الانفجار توجد ثلاث مدارس إلى الشرق منه المدرسة رقم 2 وإلى الغرب المدرسة 4 وإلى الجنوب من موقع الانفجار قريبا منه المدرسة رقم 1 التي أصبحت الآن إعدادية للبنات… ولكن الله سلم وكانت الكمية قليلة
وقع الحادث في أوج أزمة حكم العسكر وتصادم الأجنحة وصعود نجم هيداله.
غاب التحقيق وغاب محضر رسمي صادر عن السلطات المعنية، وبقيت المعلومات المتوفرة عن هذا الحادث المروع شحيحة وغير دقيقة ومتضاربة.
التقديرات أشارت إلى أن المفقودين 17 والجرحى 50.
من بين المتوفين فيما أصبح يعرف محليا بــ (اعمارتْ TP):
الرجل الفاضل ودادي ولد اعبيدن الذي كان جالسا أمام مكاتب المياه والغابات، .
والمرحوم سيدي ولد خيري ومن شدة الانفجار وجدوه فوق حائط السجن المدني المقابل.
والمرحوم محمد السالك ولد لمقمبج وغيرهم رحمهم الله جميعا.
مشهد الانفجار، أوقف الحياة في المدينة، وكان مرعبا وكارثيا وحزينا، وظل عالقا ولايزال في ذاكرة سكان أطار..
ذاكرة أهل أطار وثقت الحدث واستبطنته، وظلت شاهدة على التاريخ..
تاريخ من الأسى والإهمال والحزن والدم المهدور..
يجب أن يكون يوم 5 أغسطس يوم الحادث المنسي، يوما وطنيا للحزن.
كامل الأسى
سيد محمد