عن اللحمة الاجتماعية/سيد احمد البشير
عن اللحمة الاجتماعية
أعتقد أن المحبة التي تجمعنا هي القلب النابض لحياتنا…
أشعر اليوم، و الساحة ملآ بالتجاذبات السياسية في الداخل و في العاصمة، أن أذكر بذلك.
نعم، أعتقد أن محبة بعضنا لبعض، هي روح هيكل نسيجنا الوجداني، و أن الكراهية و الشحناء و التنافر، قشور كاذبة و هشة، فرضتها مسلكيات ضارة منبعها الجشع و الأنانية و سوء الظن بالآخر و بعض التصرفات الخاطئة…
و الجوهر في الحياة بدون شك، هو المحبة ! وهذا الإقحام هنا مقصود و للتأكيد على أهمية الفكرة…!
الكل يعرف أن تلك المسلكيات الضارة المولدة للتنافر تنموا كالطحالب في البيئات التي تشبه بيئتنا، التي ورثت وضعية صعبة تفتقر إلى بوصلة جمعوية شاملة، تعج بالمتروكين لقلة الوعي و المتروكين لقلة الحيلة…
هذا و أعود لأكرر مرة أخرى، أن جوهر الحياة هو المحبة !
أما بالنسبة لمن يشكون في ذلك، فتعالوا لأدلكم على ذلك الجوهر النفيس المخفي خلف قشور الحياة الخشنة الكاذبة… عبر التشققات !
تعالوا لأدلكم على الحق الذي ينبغي أن نتشبث به رغم كل شيء ! رغم كل شحناء عبثية تحشرنا فيها منظومة قبلية لم يدرك أبناؤها بعد، أن آليتها الرجعية أصبحت جزء من الماضي ؛ و رغم كل تصرف غير مبرر قد يصدر في لحظة جنونية من أي أحد منا و هي الأخطاء التي تحدث بين الفينة و الأخرى و في كل مكان من العالم و ما تلك الأخطاء التي شهدتها أمريكا، المثال الأعلا في مجال حقوق الإنسان مؤخرا، منا ببعيدة…
تعالوا إذا معي إلى مدرسة ما، لنرقب خلسة، معلما أثناء تعليمه لتلميذ مجتهد ضعيف مهترئ ؛ لا أمل له في مستقبل مشرق دونه… سنرى هناك، معا و حتما تلك المحبة الناصعة في وجه ذلك المعلم و في أبهى تجل لإنسانيتها..
تعالوا معي أيضا، لنقطة صحية ما، لنحضر خفية، استشارة طبيب و هو يعالج مستنجدا فقيرا لا تربطه به أية صلة، غير صلة الآدمية ؛ هناك أيضا، سنرى بأم أعيننا المحبة التي أريد أن أدلكم عليها في قسمات وجه ذلك الطبيب الذي تفتقت أمام عينيه قدسية الإنسانية بأجمعها عبر ذلك الصابر المستنجد…
ثم تعالوا معي أخيرا، إلى دار عدالة، لنلقي نظرة و لو من المقاعد الخلفية البعيدة، على جلسة يقودها قاضي عادل يريد ترميم كسور مظلوم بريء تقطعت به كل السبل، أمام حشد من الشهود المنحازين ؛ سنرى في ذلك المقام المهيب كذلك تلك المحبة النبيلة، جوهر وجداننا النقي و هي تملؤ تلك القاعة وكأنها تريد أن تحتضن ذلك المظلوم الجريح، مواساة له من ظلم أليم كان مديدا…
مع هؤلاء و مع غيرهم من خدام الإنسانية و مع كذلك عمق أعين أطفالنا و هم في مهد الحياة ؛ و بتلك أو بهذه، لابد أن تنجلي عنا كل الغيوم لتنكشف أمامنا و على مصراعيها كلها، حقيقة محبة بعضنا لبعض الدفينة، في أنقى تجلياتها…!
بهؤلاء إذا. نطل على نافذة المودة و المحبة المطمئنة على مستقبلنا… حيث قوة الروابط، بجمال محياها وعنفوان محتواها…! و كيف لا، و دماؤنا كلها سواسية و أرواحنا جميعها طيبة و جواهرنا، كلها نقية…؟
مع هؤلاء كذلك، لا بد أن نثور على أنفسنا، و نحاسب ذواتنا على كل ما اقترفناه ضد أنفسنا عندما صدقنا ذات يوم، ظنوننا في ما بيننا و عندما احتسبنا فروقنا من حيث لون البشرة و من حيث الحسب و من حيث النسب إلى آخر اللائحة، على أنها اختلافات في الوقت الذي هي ثراء كان أحرى بنا أن نفخر به و نباهي به…
هذه إذا في تصوري هي الحقيقة التي لا يريد الشيطان و الكراهية أن تطفو على السطح… و هذه هي الحقيقة التي تقبر بعيدا في الأعماق في موائد التجاذبات السياسية الضارة.
فهلم بنا، جميعا لبذل جهد مضاعف ينم عن وعي راقي نقاوم به همجمية الشيطان الأعور العابرة و نحافظ به على ذات البين الدائمة بيننا و الواجبةعلينا…
دمتم جميعا بألف محبة