دعني لئلا أنسى نفسي ماذا كنت من قبل…
يقول الدكتور محمد خاني:
في أحد الأيام كنت داخل سيارتي إذ جاء شاب في السادسة عشر من عمره وقال:
– هل أنظف لك الزجاج الأمامي؟
– نعم.
فنظفه بشكل رائع، فأعطيته 20 دولاراً، فتعجب الشاب وسألني:
– هل أنت عائد من أمريكا؟
– نعم
– هل يمكنني أن أسألك عن جامعاتها بدل أجرة التنظيف؟
كان مؤدبا لدرجة اضطررت معها أن أدعوه إلى جانبي لنتحدث. فسألته:
– كم عمرك؟
– ست عشرة سنة
– في الثانية المتوسطة؟
– بل أتممت السادسة الإعدادية.
– وكيف ذلك؟
– لأنهم قدموني عدة سنوات من أجل تفوقي وعلاماتي الممتازة في جميع المواد.
– فلماذا تعمل هنا؟
– إن والدي قد توفي وأنا في الثانية من عمري، وأمي تعمل طباخة في أحد البيوت، أنا وأختي نعمل في الخارج، سمعت أن الجامعات الأمريكية عندها منح دراسة للطلاب المتفوقين المتقدمين فى تحصيلهم الدراسي.
– وهل هناك من يساعدك؟
– أنا لا أملك إلا نفسي.
– دعنا نذهب للأكل.
– بشرط أن أنظف لك الزجاج الخلفي للسيارة،
فوافقت، وفي المطعم طلب أن يأتوا بطعامه سَفَاري لأمه وأخته بدل أن يأكل. لاحظت أن قدرته اللغوية الإنجليزية ممتازة، وأنه ماهر بمعظم ما يهم من الأعمال.
اتفقنا أن يأتيني بالوثائق خاصته من البيت وأحاول له ما استطعت. وبعد ستة أشهر حصلت له على القبول، وبعد يومان من ذلك اتصل بي وقال:
“إننا في البيت نبكي من الفرح والله”
وبعد سنتين نشروا اسمه في مجلة نيويورك تايمز كأصغر خبير بالتكنولوجيا الحديثة.. سعدنا بذلك أنا وأهلي كثيرا.
وقامت زوجتي بأخذ الڤیزا لأمه وأخته دون علمنا، وبعد أن رأى هذا الشاب أمه وأخته أمامه في أمريكا لم يستطع التكلم ولا حتى البكاء!
وفي أحد الأيام كنت أنا وأهلي في داخل البيت إذ رأيناه في الخارج يغسل سيارتي! فمنعته للمفاجأة غير المتوقعة وقلت:
– ماذا تفعل؟
– دعني لئلا أنسى نفسي ماذا كنت من قبل، وماذا صنعت أنت مني.!
هذا الشاب فلسطيني اسمه فريد عبد العالي، وهو الآن أحد أفضل وأشهر الأساتذة في جامعة هارفارد الأمريكية!