إن لم تكن معي ،فأنت عدوي قاعدة منخرمة !

يوم بعد يوم تتعاظم الاختلالات في منظومة القيم عندنا وما نجده هذه الايام من خطر اسحواذ الاقصاء المخل، الذي لا يعترف لاحد الا ان يكون معه في الراي الذي يحمله والموقف الذي يتبناه ،وذلك ما يجعلنا نشعر،اكثر من اي وقت مضى،بخطر مصادرة حقوق الناس في حرية الاختيار وفي التنوع حتى في المذاهب واختلاف الاراء.
فالله تبارك وتعالى جعل قوام الدنيا على امرين:
وحدانية الخالق وتعدد الخلق
فالله سبحانه وتعالى هو وحده الواحد الفرد الصمد الذي لم يلد و لم يولد ولم يكن له كفوا أحد. وما سواه متعدد.
وقد اقر الاسلام التعددية الدينيه(لكم دينكم ولي دين ).والتعددية في الالوان والاجناس والعقائد(ومن اياته خلق السموات والأرض واختلاف السنتكم والوانكم ).
وقد عرفت امتنا الاسلامية التعددية الفكرية والثقافية والمذهبية والفقهية كما عرفت التعددية في مجال الدعوة فوسع الناس بعضهم بعضا فوجدنا رخص ابن عباس وعزائم بن عمر وفقه ابي حنيفة واثرية ابن حنبل ومقاصدية الشاطبي وظاهرية ابن حزم ورقائق الجنيد وفلسفة ابي حامد الغزالي واجتهاد ابن تيمية.
وكلهم من رسول الله ملتمس
غرفا من البحر او رشفا من الديم
فالاختلاف اذا راعى الناس ادابه واحتكموا الى معاييره واخلاقياته
ومنظومته القيمية كان عامل ثراء وخصوبة ،فنصف عقلك عند اخيك،وقد تتعدد زوايا النظر في القضية الواحدة لكنها تتكامل بمجموع اراء الناس
الرأي قبل شجاعة الشجعان::
هو اول وهي المحل الثاني.
وقد اثرى التنوع الفقهي الامة ثراء عظيما،فلناخذ مايناسبنا وننتفع به اما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.
لكن المصيبة العظمى عندما تنضب المنظومة القيمية تحت مطارق الاقصاء والاقصاء المقابل بشعار: ان لم تكن معي فانت عدوي. من هو معي قديس ومن لم يكن معي ابليس.
ان هذا الاستقطاب الحاد هو الذي يجعل المجتمع يتشظى وجدانه النفسي ويتشتت نسيجه الاجتماعي لانه لايحتمل طرفا ثالثا تحت مطارق هذا الاصطفاف الجهنمي،ولايحتمل رؤية اخرى رؤية نحن اخوة وان لم نتفق على مسألة واحدة
بمعنى أن اختلاف الراي لايكون سببا لتنافر القلوب نختلف في المواقف وفي الفكرة وفي الرأي وكل منا يعبر عن رايه بالصوة الجهير في إطار من السلمية ومع ذلك هناك مشتركات نلتقي عليها مشتركات في الدين وفي الرحم مشتركات في الوطن والمصالح العليا هي مشتركات نلتقي عليها لامحالة.

وستجنبنا إن نحن عملنا بها سبيل المنطق الإقصائي الحاد ، للراي والراي الاخر، والمدمر للمجتمعات والقاطع للارحام.

يحيى بيان

زر الذهاب إلى الأعلى