محمود سامي البارودي/ في جناب رسول لله صلى الله عليه وسلم

تنشر وكالة الساطع الإخبارية في كل جمعة قصيدة في مدحه صلى الله عليه وسلم تبركا بها واسهاما في إثراء ثقافة المديح النبوي واليوم لقدم لكم قصيدة للشاعر محمود محمود سامي البارودي :

يا صَارِمَ اللَّحْظِ مَنْ أَغْرَاكَ بِالمُهَجِ

حَتَّى فَتَكْتَ بها ظُــــــــلْماً بلا حَرَجِ

 

ما زالَ يَخْدَعُ نَفْسِي وهْيَ لاهِيَة ٌ

حَتَّى أَصابَ سَوادَ الْقَلْبِ بِالدَّعَجِ

 

طَرفٌ ، لو انَّ الظُّبا كانت كلحظتِهِ

يومَ الكريهة ِ ، ما أبقت على وَدَج

 

أوحى إلى القلبِ ، فانقادَت أزِّمتهُ

طَوْعــــــــاً إِلَيْهِ، وخَلاَّنِي وَلَمْ يَعُجِ

 

فكيفَ لى بتلافيهِ ؟ وقَد علِقَتْ

بهِ حَبائلُ ذاكَ الشــــادنِ الغَنجِ

 

كادَتْ تُذِيبُ فُــــــــــؤادِي نارُ لَوْعَتِهِ

لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْ مَسِيلِ الدَّمْعِ فِي لُجَجِ

 

لَوْلا الْفَوَاتِنُ مِنْ غِزْلانِ «كاظِمَة ٍ»

ما كانَ للحبِّ سُلطانٌ علَى المُهَجِ

 

فَهَل إلى صِلَة ٍ مِنْ غادِرٍ عِدَة ٌ

تَشْفِي تَبارِيحَ قَلْبٍ بِالْفِراقِ شَجِ

 

أَبيتُ أرعى نُجومَ اللَّيلِ فى ظُلَمٍ

يَخْشَى الضَّلاَلَة َ فيها كُلُّ مُدَّلِجِ

 

كَأَنَّ أَنْـجُـمَهُ والْجَوُّ مُعْـــــتَكِرٌ

غِيدٌ بِأَخبِيَة ٍ يَنْظُرْنَ مِنْ فُرَجِ

 

لَيْلٌ غَــــــــــــــياهِــبُهُ حَيْرَى ، وأَنْجُمُهُ

حَسْرَى ، وساعاتُهُ في الطُّولِ كالْحِجَجِ

 

كأنَّما الصبحُ خافَ اللَّيلَ حينَ رأى

ظَلْماءَهُ ذاتَ أَسْـــــــــــدادٍ، فَلَمْ يَلِجِ

 

فَلَيْتَ مَنْ لامَنِي لانَتْ شَــــــكِيمَتُهُ

فَكَفَّ عَنِّي فُضُولَ الْمَنْطِقِ السَّمِجِ

 

يظنُّ بى سفهاً أنِّى على ســــــــرفٍ

ولا يَكادُ يَرَى ما فيهِ مِنْ عِــــــــوَجِ

 

فاعْدِلْ عَنِ اللَّوْمِ إِنْ كُنْتَ امْرَأً فَطِناً

فاللَّوْمُ في الْحُبِّ مَعْــدُودٌ مِنَ الْهَوَجِ

 

هيهاتَ يسلكُ لومَ العاذلينَ إلى

قلبٍ بحبِّ رســــولِ اللهِ ممتزجِ

 

هُــــــــــــوَ النَّبِيُّ الَّذي لَوْلاَ هِدَايَتُهُ

لَكانَ أَعْلَمُ مَنْ فِي الأَرْضِ كَالهَمَجِ

 

أنا الَّذى بتُّ من وجدى بروضتهِ

أَحِنُّ شَـــوْقاً كَطَيْرِ الْبَانَة ِ الْهَزِجِ

 

هاجَتْ بذِكْرَاهُ نَفْسِي، فاكتَسَتْ وَلَهاً

وأى ُّ صبٍّ بذكرِ الشَّـــوقِ لمْ يهجِ ؟

 

فَمَا احْتِيَالِي؟ ونَفْسِي غَيْرُ صابِرَة ٍ

على البعادِ ، وهمِّى غيرُ منفرجِ

 

لا أســـــتطيعُ براحاً إن هممتُ ، ولا

أَقْوَى عَلَى دَفْعِ ما بالنَّفْسِ مِنْ حوَجِ

 

لَوْ كانَ لِلْمَرْءِ حُــكْمٌ في تَنَقُّلِهِ

ما كان إلاَّ إلى مغناهُ منعرَجِى

 

فهل إلى صلة ِ الآمالِ من ســـــــببٍ ؟

أم هل إلى ضيقة ِ الأحزانِ من فرجِ ؟

 

يا ربِّ بالمصطفى هب لى -وإن عظُمَت

جَرائِمِي رحْمَة ً تُغْنِي عَنِ الحُـــــــــــجَجِ

 

ولا تكلنى إلى نفســـى فإنَّ يدى

مغلولة ٌ ، وصباحى غيرُ منبلجِ

 

ما لي سِواكَ، وأَنْتَ الْمُسْــــتعانُ إِذَا

ضَاقَ الزِّحامُ غَدَاة َ المَوْقِفِ الْحَرِجِ

 

لم يَبْقَ لِي أَمَـــــــــــــــلٌ إِلاَّ إِلَيْكَ، فَلاَ

تَقْطَعْ رَجائي، فَقَدْ أَشْفَقْتُ مِنْ حَرَجِي

زر الذهاب إلى الأعلى