الوقاية أرخص من العلاج/الدكتور عبدالله ولدبيان

الوقاية أرخص من العلاج

في لقاء مع وزير سابق للصحة حول قضايا القطاع، اقترحت على وزارته اعتماد برنامج “الفُرص” أو Prospera، بالتعاون مع مندوبية تآزر ووزارة التهذيب الوطني. فهو برنامج ناجح جدا يستهدف محاربة الفقر وزيادة نسبة التمدرس وتحسين المستوى الصحي في آن واحد. وقد تمت تجربته في العديد دول أمريكا اللاتينية، واعتمدته ولاية نيويورك في بعض أحيائها الفقيرة.. وهو عبارة عن ربط العون النقدي الذي تقدمه السلطات لمعيلي الأسر المحتاجة بكشوف درجات أبنائهم المدرسية ودفاتر تلقيحاتهم ومراجعاتهم الصحية. وهكذا تستهدف الدولة التعليم والصحة ومحاربة الفقر ببرنامج واحد، يوفِّر عليها (من انعكاساته الإيجابية) في فترة وجيزة تكاليفه المادية ويزيد. وقد كانت نتائجه مبهرة في المكسيك والبرازيل وهندوراس وغيرها.

وقد لاحظت الدول التي تتكفل حكوماتها بعلاج المواطنين، مثل الدول الإسكندنافية، أن الاستثمار في الوقاية أرخص وأفضل بكثير من العلاج. فقامت بدعم استثنائي وتخفيض ضريبي على كل ما له صلة بالصحة السليمة، كالأغذية العضوية، والممارسات والمعدات الصحية الوقائية وغيرها..

وحتى شركات التأمين الخاص، التي تبحث عن التربّح، تغطي عادة تكاليف زيارات الوقاية الصحية مائة بالمائة. لأنها تعلم أن عدم الوقاية سيؤدي إلى أمراض أكثر تعقيدا، وبتكاليف أعظم. ففي الولايات المتحدة، رغم رفض التأمينات تحمُّل تكاليف الكثير من العلاجات السِّنية، فإنها تعطيك عادة كل عام زيارتيْن وقائيتين لطبيب الأسنان تغطي لك تكلفتهما بالكامل.

فنصيحتي للأهالي، في ظل غلاء علاجات الأسنان والخِدمات الصحية الجيدة داخل البلاد وخارجها، أن يقوموا بزيارات كشف دورية حسب الاستطاعة. لا أقول لهم كل ستة أشهر كما يفترض حسب النظم الصحية. ولكن كل سنة على الأقل. ومن لم يستطع فكل سنتين أو ثلاثة. لكن لا تهملوا زيارات الكشف الوقائي نهائيا، فقد تكون تكاليف ذلك باهظة صحيا وماديا. ففي مجال تقويم الأسنان مثلا، قد تكون زيارة ابنك في عمر 11-12 سنة أو ابنتك في عمر 10-11 سنة للطبيب المختص كافية ربما لتوفيرك لمبلغ مليون أوقية، والوقاية من خلل وظيفي وتجميلي مشوِّه لهما.

#تطبيب_الطبابة

زر الذهاب إلى الأعلى