أول يوم دراسي.. في «مدرسة النصارى»

أول يوم دراسي.. في «مدرسة النصارى»
————————————-
بدأت حياة جديدة تماماً بالنسبة لي بعد ديسمبر 1934. فقد كانت بداية المجهول بالنسبة لي، بداية دخولي معترك الحياة العصرية! لقد مكثت خمسة أعوام في مدرسة أبي تلميت، ونلت منها شهادة الدروس الابتدائية الأساسية الفرنسية العربية في يوليو 1939. وأذكر جيداً يوم دخولي المدرسة. كان ذلك قبيل الزوال بعد ساعات من مغادرة مخيم أبي الكائن وقتها بـ«عين السلامة» على بعد 10 كيلومترات إلى الشمال من أبي تلميت. وكان يرافقني «مسعود ولد هبول»، مرافق والدي الذي لا يفارقه. وقد قطعنا المسافة الفاصلة بين عين السلامة وأبي تلميت على ظهر جمل. وركب مسعود الرحل، وكنت رديفه. وقد أنخنا جملنا وعقلناه عند أهل الشيخ ولد جدو، على الكثيب الواقع إلى الشمال الغربي من القرية، وتوجهنا إلى المدرسة سيراً على الأقدام. وتوجد المدرسة في وسط القرية، بلا حائط ولا سور يفصلها عن باقي المباني. وكانت مبنية كلياً من الطين، شأنها في ذلك شأن كافة دور البلدة بما في ذلك المركز الإداري الذي زرته فيما بعد.
وكان التلاميذ داخل الأقسام وقت مجيئنا. وبعضهم يقرأ أو يتلو بصوت عال، ويصل صدى أصواتهم إلى الخارج على الرغم من أن الأبواب والنوافذ كانت موصدة. ودخلنا الشرفة فإذا برجل ينتظر قدومنا، على ما يبدو، فاتجه إلينا عندما رآنا، واتضح لنا أنه المراقب. وتوجه إلى مسعود، العارف به فيما يبدو، وسأله: «هل هذا ابن محمدن ولد داداه؟»، فرد عليه مسعود بالإيجاب، فقال المراقب: «اتبعوني لأوصلكم إلى المدير». وازداد وقع ضربات قلبي الذي بدأ يخفق منذ وصولنا المدرسةَ. فقد شعرت بخوف شديد وأصابني الذعر، وانتابتني فجأة الرغبة في الفرار للعودة إلى الحي. وكنت في واقع الأمر شديد الاضطراب صبيحة ذلك اليوم أثناء السفر من عين السلامة إلى أبي تلميت، وما بين منزل أهل الشيخ ولد جدو والمدرسة بوجه خاص. وكان الخوف من المجهول، ومن فراق الأهل يثير قلقي بل ويهز كياني. غير أنني سرعان ما تذكرت نصائح والدي صبيحة ذلك اليوم، قبيل مغادرة الحي، فهدَأ روعي.
ومع ذلك فقد ارتعدت فرائصي وأنا أرافق المراقب إلى المدير، وخامرني شعور غريب بأنني سائر باتجاه جرف هاو لا فكاك لي منه. ووجدت عناءً كبيراً في التكتم على نحيبي.
واستقبلنا مدير المدرسة الجزائري، السيد بوعلام ولد الرويس، أمام باب مكتبه الذي كان واقفاً على عتبته. وكان يلبس سروالاً بيضانياً قصيرا وقميصاً أبيض قصير الكم. ولفتت نظري شدة بياض بشرته، إذ لم أر من قبل جسداً ناصع البياض إلى هذه الدرجة. فهناك بالفعل من مواطنينا من هم ناصعو بياض البشرة إلى حد وصفهم «بالنصارى». غير أن بياض جلودهم قد حدت منه سمرتها الناجمة إما عن قساوة ظروف حياة البداة في الهواء الطلق أو جراء ما تتركه لُثُمُ النيلة وملاحفها من آثار على الجسم أو تضافر هذين العاملين معاً. كما أن ثيابنا الوطنية تغطي معظم جسم الإنسان البالغ، سواء تعلق الأمر بالمرأة أو بالرجل. فالملحفة تغطي كامل جسم المرأة ما عدا الوجه واليدين، بينما تغطي الدراعة معظم جسم الرجل تبعاً للطريقة التي تلبس بها. وعليه، فلم أكن معتاداً على قوام لا يتحلى باللباس إلا جزئياً بحكم طبيعة ملابسنا الالتفافية. وهكذا تبدى لي المدير «ببياضه الناصع»!، تلك الدرجة من البياض التي لم أكن أتصور وجودها إلا لدى مَن نسميهم «النصارى» أو الأوربيين. بيد أنني لم أر حتى ذلك اليوم أياً من هؤلاء عن قرب. فقد رأيت اثنين أو ثلاثة من هؤلاء، عن بعد، في حي عبد الله ولد الشيخ سيديا. كان ذلك خلال إحدى زياراتي لأبي الذي كانت خيمته ما تزال وقتها ضمن ذلك الحي. وكنت أخاف النصارى حينئذ، وأهرب منهم. وتجدر الإشارة إلى أن أطفال الحي لم تكن لديهم ردة الفعل التي كانت لدي بوصفي من فئة الجبناء الذين يعتبرون أن هؤلاء المشركين أناس أشرار على الدوام. فلم يكونوا بالنسبة لي آكلي لحوم البشر، لكنهم كانوا أشباحاً أو غِيلاناً بشرية!
أما الصنف الثاني من أطفال الحي الأهم عددياً، فهو صنف الشجعان الفضوليين المتراصين حول الخيمة التي تأوي النصارى، يحاولون الاقتراب منهم بالتسلل داخل الجموع المتزايدة الكثرة بمناسبة مرور الحاكم أو الحكام، ليروا عن كثب تلك «الحيوانات النادرة». ويعودون إلينا، معشر الجبناء المختبئين وراء بعض الخيام، تحدوهم نشوة النصر ليقدموا لنا أوصافاً غريبة للنصارى. إن هؤلاء يختلفون عنا، ولو كانت لهم رؤوس، وعيون، وآذان، وأنوف، وأفواه مثلنا..! ويطلق كل واحد من أولئك الأطفال العنان لخياله في وصف أوجه اختلاف الناس معنا.. ونصغي، نحن الجبناء، مذهولين إلى أقوال رواتنا بالمناسبة!
ولنعد الآن إلى الحديث عن أول يوم لي بالمدرسة. فبعد تبادل سريع لتحية السلام بالحسانية بين مسعود والمدير الذي حياني باقتضاب، أمر مسعود بالذهاب، مما أثار مخاوف جديدة بالنسبة لي. فارتعدت فرائصي خوفاً واكتئاباً. ولم أتمالك عن النحيب عند ما رأيت مسعود يعود أدراجه ويبتعد عني. وقد أحسست برغبة شديدة في الجري وراءه للحاق به والعودة معه إلى الحي. وحاول المراقب مواساتي بعد أن طلب مني المديرُ مرافقته. وقادني المراقب إلى مخزن صغير قرب المكتب، حيث زودني الخازن بالأدوات المدرسية: كتاب التهجي بالفرنسية المسمى «ممادو وبناتا» (Mamadou et Bineta) ودفتران أحدهما للعربية والآخر للفرنسية، ولوح، ومقبض ريشة قلم، وقلم رصاص، وطبشور، ومسطرة، وممحاة. ولم يكن هناك كتاب للغة العربية. وكنت ما أزال مضطرباً، قلقاً، بل وحائراً. غير أنني قد استعدت رشدي شيئاً فشيئاً حينما تذكرت كلام والدي في الصباح وقد أوصاني قائلاًً: «أستودعك الله، لقد أصبحت رجلاً لأنك ستعيش مستقبلا بدون أسرتك..». ورافقت المراقب من جديد أحمل أدواتي بين يدي، وسار بي في الاتجاه المقابل للشرفة حيث يوجد الصف التحضيري الأول الذي سأدرس فيه. وفى نهاية الممر، دق المراقب باباً وفتحه في الحين وأدخلني الفصل. وأوقف معلم الفرنسية الشاب، السيد سيدي أحمد ولد محمد، درسه هنيهة ليرشدني إلى مكان شاغر على مقعد دراسي قريب من مكتبه. ونظر إلي كل التلاميذ بابتسامة ودٍّ ونكد، وكثيرون منهم كانوا أسن مني. ولم أكن أعرف أياً منهم، فعاودني الشعور بالقلق والخجل. وأشار إلي المعلم بالجلوس قبل أن يواصل درسه. وكانت تلك أول مرة أتعلّم فيها بعض الكلمات الفرنسية مثل «أثاث الفصل»، «أنا أجلس على مقعد دراسي»، «توجد أمامي طاولة».. فقد قام كل التلاميذ بترديد هذه الجمل الثلاث بصوت عال بعد المعلم، وحاولت بجهد جهيد محاكاة أصدقائي الجدد دون أن أوفق في ذلك تماماً. فهؤلاء قد التحقوا بالدراسة منذ عدة أسابيع، وتمرسوا بنطق اللغة الفرنسية، ويعرفون حروفها الهجائية. واستمعت لأول مرة في حياتي إلى صرير صفارة معلنةً بدء الاستراحة الصباحية. وتهافت التلاميذ على الخروج في ضوضاء وفوضى قمت بمسايرتها. غير أني بقيت منزوياً لما أشعر به من خجل. وفى الحال، تجمهر حولي عدد من الزملاء، وسألوني عن اسمي واسم أبي وعشيرتي، وموطني الذي جئت منه.. واستجابة لطلبي، دخلوا معي القسم وساعدوني في كتابة الجمل الثلاث المذكورة أعلاه، صوتياً بأحرف عربية على لوحي الجديد.
ولم أعد أذكر بدقة عدد تلاميذ فصلي، إلا أنني أعتقد أنهم في حدود العشرين. وأتذكر أن هناك تلاميذ من مختلف ولايات موريتانيا تقريباً التي لم تكن تشمل الحوض التابع وقتها للسودان الفرنسي. وستتكون من هؤلاء التلاميذ «دفعة متميزة» ظل أعضاؤها يدرسون معاً حتى نالوا شهادة الدروس الابتدائية. ولم نلبث في المدرسة سوى خمس سنوات، بدل الست المعهودة، لأننا تجاوزنا السنة الأولى من المرحلة الابتدائية. وكنت ضمن المفرزة الأمامية صحبة محمد ولد محمد عبد الله من ألاك، ومحمد سالم ولد امخيطرات من المذرذرة، ووان إدريسا من ماتام الذي سيرتحل عنا قبل إكمال تلك المرحلة لمتابعة دراساته في سان لويس. أما أعضاء «الدفعة» الآخرون فهم: محمد المختار الملقب معروف، وأحمد بن أعمر، وهما من ألاك، ومحمد عبد الله ولد الحسن من المذرذرة، وسيدي أحمد الحبيب ولد الحسن من بوتلمببت. وربما أكون قد نسيت واحداً أو اثنين من هذه «الدفعة».
وهناك زملاء آخرون في هذه السنة التحضيرية الأولى 1934-1935 مثل عبدي ولد يبه من تجكجه، ومحمد يحيى وأخوه الداه ولد سيدي هيبة من كيهيدى، واسويدي ولد المختار الملقب سيدي الصغير من تامشكط الذي وافاه الأجل منذ فترة.. وولد خطره من كيفه الذي توفي هو الآخر، وغيرهم ممن نسيت أسماءهم. ولدي شكوك فيما يتعلق بالمختار ولد أحمد ولد عثمان من كيفه هل كان من تلاميذ هذه السنة أو لم أتعرف عليه إلا في السنة الثانية؟ وتقلد العديد من أفراد هذه الدفعة مسؤوليات سامية في بلادنا.
غير أنه يتعين علينا العودة مجدداً إلى أول يوم أمضيته في المدرسة!
فقد دخلت جو المدرسة منذ تلك الاستراحة المدرسية الأولى في حياتي، وأصبحت مندمجاً في إطار حياتي الجديدة. وتلقينا في آخر ساعة دراسية من تلك الصبيحة درس القرآن المألوف لدي. وفى الساعة الثانية عشرة، أعلن صرير الصفارة نهاية الدوام، وسرت سير التلاميذ الذين توجهوا في مجموعات هامة نسبياً، وفى صخب وفوضى كبيرين، إلى القسم الداخلي الواقع على مئات الأمتار من المدرسة. وكان هذا القسم الداخلي مؤلفاً من عدة خيام منصوبة عند نقطة الخروج الشمالية الغربية من القرية. ونُصبت تلك الخيام في وسط الوهد، وأحاطت بها حظيرة من أغصان الأشجار الشائكة. وتوجد على مقربة منها دار المدير المبنية من الطين، شأنها في ذلك شأن حائطها البالغ طوله قامة رجل. ولزريبة القسم الداخلي باب واحد نصبت أمامه خيمة المراقب. وتولى تلك المهمة طيلة دراستي الابتدائية المراقب الشجاع محمد ولد إبراهيم العبد.
وفى مدخل القسم الداخلي، توجه التلاميذ إلى خيامهم المعهودة، في حين استقبلني أحد كبار تلاميذ قبيلتنا، يدعى حماد ولد أمير، ليست لي به سابق معرفة واتجه بي إلى خيمة هو مسؤولها لا تأوي إلا تلاميذ من قبيلتنا لا أعرف منهم أحداً.
وكان نظام القسم الداخلي على النحو التالي: فمن حيث السكن، هناك حوالي عشرة خيام، كل واحدة منها معدة لإيواء عشرة تلاميذ. ويتجمع هؤلاء بالأساس على قاعدة قبلية أو جهوية. بيد أن هناك بعض الخيام التي يتجمع فيها بعض كبار التلاميذ على أساس الألفة والصداقة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه كان يوجد حينئذ تلاميذ في سن المراهقة بل كان منهم من هو في سن الرجال القادرين على أن يصبحوا أرباب أسر! وبالفعل، فإن تردد معظم الأسر الناطقة بالحسانية تجاه المدرسة الحديثة بل وعداوتها لها، جعل الإدارة الاستعمارية تستقبل كل من يقبلون الالتحاق بمدرستها. وكان هؤلاء، في البداية، رجالا راشدين و«أطفالاً كباراً»، ولم يكن من بينهم أطفال.
أما تجهيز خيام القسم الداخلي فكان متواضعاً. فهناك حصير أو حصيران أو ثلاث حصائر تبعاً لسعة الخيمة، وأغطية صغيرة فردية خلال فصل الشتاء. وخلال هذا الفصل تزود الخيام بستائر(آكوارير) قابلة للنقل، وهي عبارة عن قطع من القماش متفاوتة الطول والعرض تحيط بحصائر الخيمة من كل جانب. ويتم ربط الجزء العلوي من كل شريط بالخيمة، في حين يُغَطَّى جزؤه السفلي الملاصق للأرض بالتراب للحيلولة دون عبث الرياح به واجتياح التيارات الهوائية وحبات الرمل للخيمة.
وغالباً ما كان لدى التلاميذ صناديق خشبية أو حقائب جلدية (تِيسَفْرَنْ) يحفظون فيها ما لديهم من أمتعة، أما أنا فلم تكن لدي. وبالفعل، فإنني حين مجيئي إلى المدرسة لم يكن بحوزتي سوى دراعة «بركال» البيضاء الجديدة التي ألبس ونعل جلود البقر المصنوعة محلياً. فلم يكن لدي لثام ولا سروال ولا نقود. وسأحصل بعد ذلك بأشهر على لثام وصندوق مصنوع من الألواح الخشبية اشتراهما لي «بارك الله». وكم كنت سعيداً وفخوراً باقتنائهما! وكان بارك الله هذا رفيقاً لوالدي ملازماً له، فأصبح بمثابة عمي وكنت أحبه حباً جماً. وكثيراً ما كان والدي يسند إليه مهمة مشترياته ومشتريات الأسرة. وفضلا عن ذلك، فإن والدي قد كلف أحد تجار القرية، إبان دخولي المدرسة، أن يقرضني ما احتاج من سكر وشاي وبسكويت وفستق وخبز، وكلها بكميات محدودة، ولثاماً وسروالاً ابتداء من نهاية السنة الدراسية 1936-1935. وكان «تاجري» خلال سنتي الدراسيتين الأوليين هو محمد ولد مياره، ثم أصبح الداه ولد أحمد بسات حتى نهاية دراستي الابتدائية.
وعودةً للحديث عن القسم الداخلي، أشير إلى أن كل تلاميذه كانوا ممنوحين من قبل الإدارة، وبالتالي فهم محمولو النفقة والسكن، والملبس جزئياً، إذ توزع عليهم سنوياً ثلاث دراريع أو أربع. أما التغذية، فكانت على الطريقة التقليدية بطبيعة الحال. فلا أتذكر أن هناك فطوراً يقدم بصفة منظمة عدا الشاي الصباحي. وكان الغداء يتألف على الدوام من الأرز واللحم. ولم يكن هذا اللحم دائماً من النوع الممتاز، بل قد يكون أحياناً من النوع الرديء جداً الذي يتطلب مضغه أضراساً جيدة! أما العشاء، فهو بالأساس عصيدة (بلاَّخْ)، وفى النادر الكسكس المصنوع من الذرة الرفيعة مع اللحم. ولا داعي للاسترسال في الحديث عن نوعية تلك التغذية التي لا أستبعد أن تكون مشابهة جداً لتلك المقدمة في ثكنات «الرماة السينغاليين» وقتها. وقد كانت الكمية كافية نسبياً خاصة «لغير النهمين» مثلى والحمد لله، لكن هناك تلاميذ نسميهم «المضاعفين» لأنهم يأكلون وجبة شخصين أو يحتاجون إلى حصتين! وكانت تلك الأغذية الرخوة تقدم في صحون كبيرة من الحديد المطلي، وتتسع كل واحدة منها لوجبات عدة تلاميذ.
لقد اندمجت في حياة «الخيمة» منذ يومي الأول في القسم الداخلي، كما اندمجت في القسم الذي نذهب إليه مرتين في اليوم. وننظم على مقربة من القسم الداخلي ألعاباً تقليدية مثل لعبة الأكعب التي هي على ما يبدو لعبة خاصة بموريتانيا، ولا أكاد أتذكر قواعدها وميكانزماتها. فهي عبارة عن أكعب (اَدْغُوغَه) حيوانات متوحشة من غزلان وأصناف مختلفة من الظباء وغيرها، ونادراً ما يكون من بينها أكعب زرافات، يتم نصبها بنظام معين أهدافاً على الأرض. ويكون بحوزة اللاعبين حجيرات للرمي مثقفة إلى حد ما، خفيفة الوزن بحيث يمكن للاعب قذفها من مسافة عدد من الأمتار محدد سلفاً. ويتمثل الهدف في إصابة وإسقاط كعب أو عدة أكعب بعدد من الأحجار محددة لا تتعدى الثلاث لكل لاعب، دون ملامسة خط مرسوم على الرمل خلف الأكعب، وفى جانب اللاعب. وتسمى تلك الأحجار «اَبَّارِيكْ» في الجمع، وبَارُوكَهْ في صيغة المفرد. وأعتقد أن هذه اللعبة التي تتطلب الدقة في الرماية لم تعد موجودة بفعل الانقراض شبه التام للحيوانات المتوحشة في موريتانيا، اللهم إلا إذا كان الشبان الموريتانيون اليوم قد شرعوا في استخدام أكعب الحيوانات الداجنة التي كان استخدامها محظوراً في ثلاثينيات القرن العشرين، أو اكتشفوا لعبة معاصرة بديلة.
وهناك لعبة «التود»، وهي بحجم كرة التنيس، مصنوعة محلياً من الجلد المدبوغ، وتحشى حشواً تاماً بالخرق وتخاط بسير من الجلد. ولهذا الصنف من اللعب أشكال مختلفة لا يتسع المقام للتفصيل فيها هنا، وربما تكون ممارستها باقية إلى حد الآن.
أما المصارعة فإن التلاميذ يمارسون منها أشكالا مختلفة، و«لم تكن نقطة قوتي الأساس»! فأنا بحكم طبيعتي المسالمة وضعفي الجسمي، لم تكن ألعاب القوى ورياضاتها محببة إلي ولم أمارسها كثيراً.
وكانت عطلتنا في يومي الخميس والأحد، وكل يقضيهما حسب مستطاعه. فالبعض يبقى في القسم الداخلي ويمارس واحداً من الألعاب السابقة. بيد أن الغالبية تذهب إلى القرية، بعضهم إلى ذويه أو معارف أسرته الزائرين لأبي تلميت أو المقيمين فيها، والبعض الآخر يذهبون مع زملائهم الذين توجد بعض أسرهم في عين المكان. والمهم في الأمر أن يخرج المرء عن جو القسم الداخلي ولو للتجول في القرية والعودة إليه للغداء والخروج بعد الظهيرة. ولا نستطيع الخروج في المساء، فبالأحرى قضاء الليل خارج القسم الداخلي بحكم قوانينه، إلا بإذن خاص يمنحه المدير لأحد الأقارب أو الوكيل. لكن هنالك الخروج الليلي الذي يعرض صاحبه للعقاب إذا ما لوحظ رسمياً التغيب اللا قانوني. وفى تلك الحال هناك احتمالان:
– أحدهما أن يفلح التلميذ في إبطال مفعول يقظة محمد ولد إبراهيم العبد المعروف بنباهته، باستخدام جملة من الأساليب تزاوج بين الدهاء والاحتيال، وتواطئ أهل القسم الداخلي الذين يقوم بعضهم بشغل محمد ولفت انتباهه بالحديث معه عن هذا الموضوع أو ذاك من «مواضيعه المفضلة» حينئذ، وهي حيلة تكللت بالنجاح أحياناًً.
– وثانيهما أن يكون التلميذ من مجموعة «الأبناء»، أي أولئك المحميين من قبل المراقب الذين لا يبلّغ عنهم أبداً. وبوسع المرء أن يصبح من «أبناء» محمد ولد إبراهيم العبد بطريقتين غالباً ما تتحدان. فإما أن تكون هناك علاقات خاصة قبلية أو جهوية أو علاقات صداقة مع أسرة «التلميذ-الابن»، أو يكون بوسع هذا الأخير ملاطفة مراقبه بطريقة ذكية لا تثير انتباهه خاصة وأنه غير مرتش ولا ينبغي بحال من الأحوال التظاهر بمحاولة رشوته. ويعبر محمد عن تواطئه مع «أبنائه» بإشارة طرف أو يد خفية أو إيماءة بالرأس. كما يمكن الهمس بالتواطئ إذا كانت ثقة المراقب «بابنه» تامة، أي إذا كانت التجربة قد أقنعته أن «ابنه» رجل قادر على كتمان أي سرٍّ كان. ففي مثل هذه الحال، يستطيع محمد أن يهمس للمعني قائلاً: «اذهب هناك، ولفَّ ودُرْ بحيث لا أراك. لكن عليك أن تعود في الوقت الفلاني، وإلا فسأكون مضطراً للوشاية بك». ومن مصلحة المرء أن يكون صريحاً معه وأن يحترم مواقيته. كما يمكن أن يكون تواطؤ محمد ضمنياً. فإذا كانت علاقة الشخص ودية معه، فباستطاعته، حسب مواتاة الظرف، أن ينسحب خفية دون استشارته وأن يعود فيما بعد على أن يَحذَر من الوقوع في قبضة المراقب. غير أنه من المسلّم به لدى العارفين بالرجل أن خطر عقابه يحوم حولهم باستمرار. وبالفعل، يكفى أن يكون هناك تلميذ لديه حساب يريد تصفيته معك أو مع محمد، فيشي بك إليه ليقوم هذا المراقب بمعاقبتك ويتنكر لك ولو كان قد «أذن» لك في الخروج. ومهما يكن من أمر، فإنه يجب التسليم بتنفيذ العقوبة دون احتجاج، ودون أدنى إشارة إلى «إذنه»، وإلا فسيتنكر طويلاًً «لبنوتكم» إذا لم يتنكر لها إلى الأبد. وعندها ستودعون الخروج غير المأذون، إذ يخشى أن تنصب كل «رقابته اليقظة» عليكم ليظهر للتلاميذ الآخرين أن لا محميين لديه، وأن كل التلاميذ «أبناؤه»، غير أن «العمل هو العمل، وأنه ينبغي الاحترام التام للنظام وتعليمات المدير.. إلخ»، وغير ذلك من التصريحات الأكثر مدنية.
وكان محمد ولد ابراهيم العبد أمياً لا يعرف القراءة ولا الكتابة، لكن لديه ذاكرة قوية. فهو يعرف حق المعرفة اسم كل تلميذ، واسم أبيه وفصيلته وقبيلته ومنطقته. فلديه «بطاقة» محكمة الضبط يحتفظ بها في ذاكرته لكل تلميذ، بدءاً بأعماله وتصرفاته منذ دخوله المدرسة وحتى تخرجه. وهو صاحب موهبة في إضحاك التلاميذ من كل الأعمار واستمالتهم -بل وتسليتهم- بما يرويه من قصص كثيرة ومتنوعة قابلة للتكييف مع ذوق كل واحد من جمهوره وعمره. فنضجه العمري وأصوله الحسانية -أو ما في معناها إذ كان مولى لأمير الترارزة- تسمح له أحياناً باستخدام لغة ملحونة ميالة إلى الاستعارة والتسلية. وبكلمة واحدة، فقد كان شخصية طريفة!
لقد تحدثت أعلاه عن العقاب. ويتمثل هذا العقاب في الحرمان من الخروج في أيام العطل في مختلف مدارس «فرنسا ونافار». وتطول مدته تبعاً لجسامة الخطأ، إذ يتراوح بين نصف يوم، ويوم أو عدة أيام. ويقوم المدير أو أحد معاونيه بإبلاغ إبراهيم ولد محمد العبد بأسماء التلاميذ المعاقبين. و«يسجل محمد في ذاكرته العجيبة» كل الحالات ويحرص على تنفيذ العقوبات. وأُشير هنا إلى أنني لم أتعرض طيلة حياتي الدراسية إلى أي عقاب فردي. لكني بالمقابل تعرضت لعقوبتين جماعيتين. ويتعلق الأمر في الحالتين المذكورتين بتشويش في الفصل لم نشأ الكشف عن فاعليه الذين نعرفهم حق المعرفة. فكان علينا أن نتحلى «بالصرامة»، وأن لا نوشي بأصدقائنا!
كانت المرة الأولى بعد أسابيع معدودة من التحاقي بالمدرسة. فقد استدعى المدير مجموعة من التلاميذ كنت من بينهم، إلى القسم المتوسط الثاني حيث كان يلقي درساً. وأوقفنا على ركبنا لبعض الوقت لم أعد أتذكره. ومهما كانت المدة، فإنه لم يكن ممتعاً بقاء المرء بضع دقائق جاثماً على ركبتيه وصدره ورأسه مستقيمان. ولم أعد أتذكر وضعية اليدين. أما المرة الثانية، فقد سجن كل فصلنا، وحرمنا من الخروج طيلة يوم من أيام العطلة.
وكان معلمي للقرآن طيلة دراستي الابتدائية، السيد محمد ألفغ، أصيل منطقة المذرذرة والمتوطن في فصيلتنا، والمتزوج من خالة والدي. كان معلماً جيداً، لكنه كان أكثر من عانى من التشويش في المدرسة. فلم يتمكن من فرض وجوده على الرغم من مزاوجته بين حلمه الحقيقي وصرامته اللفظية التي غالباً ما يعبر عنها بأعلى صوت، بل يصرخ أحياناً. ويلجأ أحياناً إلى الشعر للتعبير بلطافة عن شكواه من تلاميذه الأكثر مشاغبةً، فينظم فيهم بيتاً من الشعر الحساني أو الفرنسي الممزوج بالحسانية ممازحاً ومتوعداً. ولم أر هذا المعلم بعد تخرجي من المدرسة، وأعتقد أنه قد توفي في الأربعينيات، رحمة الله عليه.
وكان معلمي للعربية على مدى سنواتي الخمس في المدرسة الابتدائية، السيد المختار ولد أبنو. وكنت شديد الاحترام له كما هو شأني مع سائر معلمي وأساتذتي. ولم أكن الوحيد الذي يحترمه، فقد كان تلاميذ مختلف الدفعات التي تخرجت على يديه يكنون له التقدير والاحترام، وهو أهل لذلك. فلم يكن بيداغوجياً ممتازاً فحسب، بل كان كذلك على خلق عظيم مزج فيه بين الحلم واللطافة والرزانة. فلم يره أي تلميذ قط في حالة غضب! ولم يسمعه تلميذ رافعاً صوته! ويقال إنه لم يعاقب تلميذاً طيلة حياته المهنية! ففي حصة «السيد المختار»، كان أكثر التلاميذ مشاغبة وطيشاً صامتاً، هادئاً ومنتبهاً! وبقدر ما كان خلقه عظيماً، كان حسن المظهر جميل الهندام تهب منه رائحة العطر المواظب على استعماله.
أما تدريس اللغة الفرنسية فقد تعاقب علي فيه خمسة معلمين، أي بمعدل معلم كل سنة دراسية. كان معلمي الأول في السنة التمهيدية الأولى، كما أسلفت، السيد سيدي أحمد ولد محمد أصيل منطقة المذرذرة، وهو شاب مرح يعلمنا ويسلينا بل يلعب معنا أحياناً كما لو كان صديقنا الأكبر. لكنه يعرف كذلك كيف يفرض احترامه ويرسم لنا حدوداً لا ينبغي تجاوزها.
وأصبح معلمي في السنة التمهيدية الثانية السيد محمد ولد الشيخ الحسن أصيل منطقة أبي تلميت. كان من حيث المزاج أكثر انطواءً من سيدي أحمد، وأقل منه تجربة بيداغوجية. وكان في الواقع أصغر منه سناً بقليل. وكثيراً ما كان عرضة للتشويش. غير أنه كان لطيفاً مع تلاميذه، وقد احتفظت بذكريات طيبة عن سنتي معه.
وقد ذكرت فيما سلف أن دفعتي قد تجاوزت السنة الأولى الابتدائية، أما في السنة الثانية فقد كان معلمي سينغالياً من ماتام يدعى السيد عيسى كان. إنه معلم لامع جداً لا يخلو من انطواء. وكان تعليمه «فوق مستوانا» أحياناً، لكننا استطعنا مسايرته بحكم قدراته التربوية. وفى القسم المتوسط الأول وجزء من القسم المتوسط الثاني، وجدت المعلم الذي أثر في أكثر من غيره طيلة حياتي الدراسية الابتدائية والثانوية والجامعية. إنه السيد بوبكر فال أصيل مدينة سان لويس السينغالية. وما زلت إلى اليوم اعتبر السيد فال مربياً لا نظير له! فلم أر قط معلماً مثله يعيش بوجدانه ما يعلم! إنه مستعد أن يفعل أي شيء وأن يلعب أي دور من أجل إفهام درسه لتلاميذه! فقد كان يلبس لكل حالة لبوسها ويتقمص شخصيات الموضوع المطروق. فهو تارة متسول، وطوراً سارق أو قاتل، أو تاجر، أو جندي، أو حرسي، أو زعيم أهلي، أو قائد أوربي (ضابط، رئيس مقاطعة، حاكم دائرة، والٍ، إلخ)، أو معلم مدرسة قرآنية وإمام مسجد، أو معلم، أو تلميذ، أو ما شئت أن يكون. وإذا أراد محاكاة الحيوان، فهو بالدرجة الأولى أسد، وفيل، وزرافة، وذئب، وضبع، وأرنب وحشي، وغزال، ونعامة، وحبارى، وحبيشة، وغراب، ودجاجة، وديك، وغير، وغير.. فقد كان يتمتع بموهبة كبيرة في الإيماء والمحاكاة تمكنه من أن يمثل أمام تلاميذه كل مشهد وكل حالة. وكنا بدورنا نستمع إلى دروسه باهتمام خاص. فلم نكن شديدي الانتباه فحسب، بل غالباً ما كنا مشدوهين، نتلقف كلامه. ويتمكن أقلنا نجابة، وهم الذين لا يستفيدون كبير شيء من المعلمين الآخرين، من فهم وضبط ما يقدم لنا من دروس! وفضلا عن ذلك كان يضع نفسه تماماً تحت تصرف تلاميذه. وكان مثل سقراط يعلم أينما حل وفى أي حين، أثناء الاستراحة، وفى الطريق من المدرسة إلى مسكنه، وفى منزله، أو من سكنه إلى المدرسة. وبكلمة واحدة، فإن حياته منوطة بطلابه الذين لا يعيش إلا بهم ومن أجلهم وأجل تعليمه. ولذا فإننا نكن له تقديراً واحتراماً لا حدود لهما. وكنا نحوم من حوله كلما سنحت الفرصة لا في المدرسة فحسب، بل وفى الشارع أيضاً، على الطريق المؤدية من المدرسة إلى الدار والعكس بالعكس.
وكنت أحد أولئك التلاميذ المحظوظين الذين يحملون، من حين لآخر، أغراضه ويرافقونه مشياً على الأقدام من المدرسة إلى البيت. وكان ذلك شرفاً عظيماً ومصدر بهجة كبيرة، لاسيما وأن «حاملي أغراض المعلم» هم الطلاب الجيدون.. وخلال الفترة التي درسني فيها السيد بابكر فال، كان في الوقت نفسه مدير المدرسة مما زاد احتكاكه بتلاميذه.
وفى النصف الثاني من السنة الدراسية 1938-1939، جاء الجزائري السيد بن موسى مصطفى ليخلف السيد فال في إدارة المدرسة وفى تعليم الفرنسية للسنة الثانية المتوسطة. وقد واصل إعداد قسمنا لامتحان شهادة الدروس الابتدائية الأساسية.
وقد التقيت به مرتين أو ثلاثا خلال عطل سنتي دراستي الابتدائية العليا في سان لويس ما بين 1939 و1941.
وكان سروري كبيرا وتأثري بالغاً حين اتصلت، بعد تولي السلطة، بجميع معلمي الوطنيين والأجانب في مدرسة بوتلميت الذين كانوا جميعاً وقتها على قيد الحياة ما عدا محمد. وقد عاملتهم جميعاً باحترام وتقدير خلال لقاءاتي المتكررة معهم، تلك اللقاءات التي كانت تتم في غالب الأحيان بمبادرة مني. وكنت أرد على تعجبهم من سلوكي معهم رغم وظائفي آنذاك، بأنني لم أقم إلا بواجبي عملاً بالقول المأثور: «من علمك حرفاً فهو مولاك».
ولم يكن الحدث الكبير بالنسبة لي ولزملائي في الدراسة سنة 1939 هو اندلاع الحرب العالمية الثانية، وإنما كان نجاحنا في شهادة الدروس الابتدائية الأساسية! ولم نكن، بالطبع، أول من نالوا تلك الشهادة في هذه المدرسة، لكن كنا الدفعة الأولى التي نجحت بأعداد كبيرة بلغت الثمانية، بينما لم يتجاوز عدد الناجحين في الدفعات السابقة واحداً أو اثنين أو ثلاثة على ما أذكر.
وإذا لم يكن هذا الحدث وطنياً قبل وجود الوطن نفسه، فقد كان حدثاً جهويا! ويكفى دليلا على ذلك الاحتفال الكبير الذي نظم لتسليمنا شهاداتنا وجوائزنا. فقد تم تسليمنا تلك الشهادات خلال حفل رسمي كبير نظم في 14 يوليو 1939 تحت رئاسة حاكم الدائرة محاطاً بمعاونيه وكبار شيوخ ووجهاء المقاطعة. وتمثلت جائزتي في كتاب لم أعد أذكر اسم مؤلفه، لكنني أذكر جيداً العنوان الأصلي للكتاب: «الريح والمطر» «Monsier le vent et Madame la pluie». ولا يعلم إلا الله ما آل إليه هذا الكتاب الذي قرأته وأعدت قراءته بتمعن دون أن أستوعب كل مضمونه. كما لا أعرف مصير شهادتي للدروس الابتدائية الأساسية. ويكفى لإدراك الأهمية التي منحتها السلطات الاستعمارية للحدث، أن نعرف أن شهادة الدروس الابتدائية كانت الشهادة الوحيدة التي يحصل عليها وقتها الموريتانيون، والناطقون بالحسانية منهم خاصة. ولذا كانت تكتسى أهمية كبيرة.
وإكمالا للرواية عن ذكرياتي المتعلقة بفترة حياتي الدراسية في أبي تلميت، أضيف بصفة عشوائية ما عنَّ لي من ذكريات.
فقد التحق بي في بداية السنة الدراسية 1935-1936 ابنا عمي محمد ولد مولود ولد داداه ومحمد ولد أحمدو ولد اباه. وإذا كان الأول ابن عم شقيق، فإن الثاني ابن عم وابن عمة.
وتم تحويل المدرسة، في أواسط فترة دراستي بها، إلى بناية جديدة من الطين شيدت لهذا الغرض خارج القرية القديمة، على بعد مئات الأمتار إلى الجنوب الغربي منها. ومنذ ذلك الحين، أصبحت المدرسة منفصلة عن القرية، ولا يوجد بجوارها إلا منزل المدير المُشيَّدُ معها في وقت واحد. فهي تقع في أسفل الكثيب الذي أقيم على أعلى نقطة فيه المركز الإداري، وإلى الجنوب الشرقي من هذا الأخير. وقد رافق تحويل المدرسة هذا، بطبيعة الحال، تحويل «مخيم القسم الداخلي». وأصبحت في الفترة التي تم فيها تحويل المدرسة، أي في 1937 أو 1938، «مسؤول خيمة» من خيام القسم الداخلي.

المختار ولد داداه/ «موريتانيا على درب التحديات»

زر الذهاب إلى الأعلى