الأستاذ محمد باب ولد سعيد له مواقف ومشاريع وله صوتيات.

الأستاذ محمد باب ولد سعيد

الأستاذ محمد باب ولد سعيد له مواقف ومشاريع وله صوتيات.

في مايو 2011 أعلن محمد باب ولد سعيد استقالته من الإشراف على مشروع المدرسة العليا للمعادن، مرجعا أسبابها إلى قرارات اتخذتها الحكومة الموريتانية مخالفة لدراسة الجدوائية التي على أساسها قبل تعيينه في المنصب”. وأن قرار الحكومة بنقل مقر المدرسة إلى أگجوجت بعد أن كان متفقا على أن يكون في نواكشوط، “يقضي تماما على جدوائية المدرسة”، من وجهة نظره !!

وفي نوفمبر 2013 أعلن الأستاذ مع مجموعة من الأطر الموريتانيين في فرنسا إطلاق مشروع توگّه (Toogga)، لإنتاج زيت هذه الثمرة الصحراوية وتهيئته بطريقة طبيعية لا تدخل فيها أي إضافات كيماوية و تخضع لرقابة صارمة لضمان سلامة المستهلك قبل أن تقوم بتوزيعها عبر العالم

لم يتقدم المشروع ولعله هو الذي تحول إلى مشروع للعلف، ففي 2018 حصلت شركة “توگه” الموريتانية على براءة اختراع لأعلاف الحيوانات مصنعة من خليط من مسحوق قصب التيفا (Typha) و مشتقات من بلح الصحراء المعروف محليا بتوگه.

وربما هو مشروع العلف الذي أودي بالبواب هذه الأيام.

وإبان جائحة كوفيد أعلن الأستاذ عن مشروع لصناعة الصابون محليا
لاأدري أين وصل فلم نسمع له ركزا؟

في سنة 2021 أطلق الأستاذ محمد باب ولد سعيد صوتية تقول إن مادة الشاي أصبحت تشكل تهديدا خطير على الصحة العمومية من خلال احتمال احتواء العديد من عينات الشاي المستعمل بشكل كبير في البلاد على مواد مسرطنة حسب ما أكدته المعالجة المخبرية حديثا وطالب السلطات بوقف استيراد مادة الشاي وإخضاع ما سيتم استيراده لعملية فحص مخبري دقيق حتى يتمكن البلد من تحصين الصحة العمومية للمواطنين.

وقد تسببت هذه الصوتية في بلبلة كبيرة وأربكت الموريتانيين إزاء مادة استهلاكية أساسية !!

وتحدث الأستاذ لاحقا عن الحمض النووي واعتماده في معرفة الأنساب وتحديد الأصول !!

ثلاثة عقود ودكتور الكيمياء ينتقل من تنظير إلى تنظير دون أن نرى لجعجعته طحينا !!

/

وقبل ما يقريب من سبعة عشر عاما، أي في 22 ديسمبر 2005 كتب الأستاذ محمد فال ولد سيدي ميله.

بلال: رحلة استعباد الأحرار!
عندما تعترض الثكنة سبيل الحرية تصبح الديموقراطية مجرد شعوذة
بوليسية.

محمد بابه ولد سعيد حصل على شهادة البكلوريا منذ ما يناهز العقدين؛ بتفوق ملحوظ، خوله الحصول على منحة للدراسة بفرنسا! حيث تميز طيلة رحلته الدراسية، والتي تكللت بدكتوراه في علم الكيمياء، لتكتبه على التوالي عدة جامعات غربية عريقة. لكن الملثم القادم من الصحراء، استقر به المطاف في وسط فرنسا، بمدينة اكلير مون فيران، بالتحديد. إذ، اتخذها موطنا، به تزوج، لينجب أولاده الثلاثة، ويبدأ رحلته العلمية الزاخرة.

هكذا عاش أممي الانتماء، معتبرا القدر، قد أحاله إلى موطنه المحتوم .. حيث اقتصر اهتمامه على إقرار الطمأنينة الملائمة لرخاء أسرته الصغيرة، مركزا كل جهوده على إعطاء أزهى روح ممكنة لمشاريعه العلمية. لكن حدثا طارئا بعثر فجأة كل أوراقه المحكمة! فحياته الإجتماعية، بتعنت أصهاره المغرورين، تبدوا مصرة على إشعال محتمل للإختلاف الثقافي! عكسا لما توهم منذ أن وطئ أرض بودلير ولا افونتين.

ولتفادي انفجار هذه الشعلة المرابطة على شاطئ أحلامه الطفولية؛ قرر على عجل ربط خيط مع الجالية الموريتانية بفرنسا عله يستعيد شراسة نضاله الأول أيام الكادحين. وبسرعة فائقة، بدأ فيروس السياسة، يلتهم، سكينة حياته الرتيبة، عندما انخرط، في أشد الحركات السياسية، معارضة لنظام ولد الطائع، ضمير ومقاومة التي كانت تتخذ من العاصمة الفرنسية مقرا لها، قبل أن تعبث بها مخابرات العقيد

مباشرة بعد مشاركة الجامعي الموريتاني، في المؤتمر التأسيسي للحركة، بمدينة سينلوي السنغالية، قرر، إقحام أسرته أو على الأقل إطلاعها على هذا الجزء السري من حياته، التي بدأت تأخذ منعطفا آخر! ليقنع زوجته، الفرنسية، بمرافقته إلى موريتانيا، حتى يقدم بلده الأصلي إلى أولادهم الثلاثة … لكن الرحلة ، سرعان ماتحولت إلى جحيم: حيث تم إعتقال محمد بابه من طرف الشرطة السياسية الموريتانية، لمدة أسبوعين، ذاق خلالهم عترة خبرة الجلاد الموريتاني، بمعزل تام عن كل مايجري في العالم الخارجي، داخل زنزانته الضيقة.

ثلاث سنوات بعد الحادثة، يعطيها الكيميائي، الموريتاني، بعدا أدبيا، من خلال، رواية صدرت شهر نوفمبر الأخير، عن دار النشر الفرنسية، لارماتان، في سلسلة، ;الكتابات العربية، تحت عنوان، بلال، اسم شائع في أوساط الرق الموريتانية، كان الكاتب، قد لجأ إليه طيلة تجربته السياسية!

تعتبر هذه الرواية شهادة حية، على واقع عاشته النخبة الموريتانية، تحت حكم ولد الطائع، مقرة أبعاد الجحيم الذي عاشه الموريتانيون، طيلة إحدى وعشرين سنة، من العمر السياسي القصير للدولة، والشعب. كذلك الإبداع المكره، لنخبة تصارع أنظمة ترفض الحياد، وتمتهن بكل شراسة أشكال الاجتذاذ.

أحداث الرواية، واقعية، فالكاتب عاشها لحظة بعد لحظة، مع أنه تصرف في الحبك واختيار الشخصيات، بدءا بالبطل الذي قدمه كأحد ضحايا الرق في موريتانيا؛ حاول مساعدة صحفية من مراسلين بلا حدود، كانت في صدد إجراء تحقيق في الجنوب الموريتاني عن مشكل العبودية، لينتهي بالزواج منها.. هكذا تبدأ هذه الرحلة، التي يبدوا بطلها في بحث أبدي عن هوية؛ أيا كانت، قد تخوله أبسط حيثيات وجود كريم، ليجد روحه مسحوقة بين: الغربة، السياسة، التعذيب.. ليرميه أخيرا هذا القدر الطاحن، من جديد في طريق البحث عن هوية أخرى؛ هي الأدب!

هوية تأجلت إلى حين!
لقد ولدت عبدا ! لو كنت ولدت بالقرية، لكنت كذلك يا بني، تعتبر هذه الجملة مصعدا رئيسيا لولوج الخلفية الإديولوجية لهذه الرواية، التي ستثري لامحالة، الحوار الديمقراطي الموريتاني، الذي يعيشه البلد منذ t;ثورة برامكته; الأخيرة. بلال، أو بالأحرى، محمد بابه ولد سعيد، ليس عبدا كما قدم نفسه في روايته، بقدر ما هو مملوك على طريق ;تملك، أكثر عدالة من أسياده الوهميين! لذا نجد جدل صراع الطبقات، حاضرا في خطابه السياسي، على غرار، مجمل التقدميين في الدولة الموريتانية، الناشئة، التي أقرت أولوية، تحرير أراضيها قبل مواطنيها! هكذا، استعار الكاتب، طيلة رحلته القسرية، قناع عبد مملوك، عله يوفق في لفت الأنظار على حقيقة الاستغلال، بعيدا عن المزايدات السياسية، والتي طبعت إلى حد ما الخطاب الممتهن لهذا النوع من التنديد.
نعرف من هذا السرد، جزءا كبيرا من حكاية الغلام الذي فتحت له أبواب المدرسة نيابة عن أحد أبناء سيده، كما جرت العادة في الأوساط الموريتانية المحافظة..بعد هذا الحظ السعيد، يدخل بلال في برزخ الإنتماء، لأنه لم يعد العبد الجاهل، ولم يرقى بعد إلى مرتبة الأسياد! وفي انتظار منحة دراسية، قد لايحصل عليها، يبتسم له القدر، عبر ميرييل، الصحافية الفرنسية، التي أتت لسبر أغوار الرق ومخلفاته في أرض نبوءة بلال، المتربص لأخذ الكتاب بيمينه!

لكن مبعوثة ; مراسلون بلا حدود، أبدى جسمها عجزه عن التأقلم مع هذه الحياة، التي بدت مغايرة لرفاهها الباريسي. ليتدخل;المنقذ;، بلال في ما شابه مأتم الغربية، المتحمسة أكثر من اللازم للتكفير عن جرائم الاستعمار التي ارتكب بلدها في ;شمامة; ولد إيميجن.. تحت بيت من القصدير محاطة بنساء القرية المرتبكات مما جرى للنصرانية، اتفق الجميع على ضرورة التدخل وبسرعة، لكن الكلمة الفصل عادت للأمة المضيفة، التي أصرت على استدعاء الطبيب التقليدي بوصفاته المتميزة! ليعرج الكاتب عبر هذا المشهد إلى تقديم مفصل لمختلف المدارس الطبية التي عرفتها موريتانيا، وخلفيتها العلمية المستقات من تجارب وممارسة ابن سينا، مع شرح مطول لنظرية ; التوازن ، التي تقضي بضرورة إفراغ الجسد من حمولته الزائدة، كي يستعيد توازنه المفقود، عبر نبات صحراوي يندر الحصول عليه خارج موريتانيا، يعرف بأفلجيط;، له مفعول مباشر على اتزان الرغبات الحيوانية لدى كل إنسان، الأمر الذي أربك وطمأن في آن واحد جسدها المتهاوي تحت رماد سوسيولوجيا المجتمعات، التي منعتها من شفاء ظمئها لمعرفة حقيقية لبنى المجتمع الموريتاني.
قبل نقلها للعلاج بفرنسا، أهدت تذكرة مفتوحة لبلال، عارضة عليه اللحاق بها متى شاء. بهذه الطريقة الحالمة اختار الكاتب أن تكون بدايته مع اكتشاف الغرب، الذي كون لاحقا شخصيته الثقافية، قبل أن يهدم ما تبقى من روحه الشاعرة!

.. بمزيج من التعالي والرأفة، كان التوتر ميزة علاقاته مع صهريه، اللذين فشل في إقناعهما، بربط علاقات متحضرة; معه، ليتم الطلاق، لأن احتمال عودة بلال إلى أرض صباه، منذ بدأ تحركه الموريتاني، بات شبحا يؤرق زوجته الخائفة من عودة حتمية إلى أرض أفلجيط! لكنه مصمم على العودة؛ مع حمزته البكر، لذا ينبغي التحلي بلباقة عالية كي يوفق في إقناع أمه بهذا السفر الموعود لابنه منذ مدة، رغم احتمال تغيبها ! لكن إرادة الأب ستنتصر، ليبدأ تحضير الرحلة، التي انتظرها مدة عقد ونيف: الهدايا، التمرين على الأكل باليد بدل الشوكة، التجرد من الرفاه اليومي، معانقة الصحراء المفتقدة..

طيلة كل هذا الفصل، رسم الكاتب لقرائه خريطة الاستغلال في موريتانيا، وطبيعة العلاقة القائمة بين شرائح هذا المجتمع الممزق بفعل إرث إجتماعي يصعب التخلص منه بسهولة، بمسحة جمالية ندر استحضارها كل ما تعلق الأمر بهذا النوع من الجعجعة البشرية، من خلال أنماط حلاقة الشعر بالنسبة للرجال، كتقليد ما زال ساري المفعول في شمامته الصامدة:
حيث يتمتع الصبية بكامل الحرية لتصفيف شعرهم، على طريقة القرون المشاكسة أو الرسوم الهندسية المتوازية، كتعبير عن حرية نابعة من غياب المسؤولية، لمن أغفل الكتاب مخاطبته في هذه السن، في انتظار اكتمال إحتراف البلوغ.

من بين هذه التضاريس الجمالية، يتميز صبية كل طبقة اجتماعية بأعرافهم الوبرية، كي يبقى الإختلاف ميزة فسحة ما قبل البلوغ، ريثما يحين وقت الإستجابة للمؤذن، ساعتها تختفي كل هذه الطقوس الفنية فاسحة المجال، لحلق منتظم لزينة قد تجلب العين، أو العجز عن الحفظ، بإنشغال مستمر بالحك المنتظم! آنتروبولوجيا الإختلاف هذه، تعود إلى البعد الزنجي لهذا المجتمع المختلط حتى التخمة!

كذلك الجدل مع ابنه كل ما هم بالإحتفال بعيد ميلاده، والذي يقف عاجزا عن فهم الإهمال، من طرف ثقافة أبيه لهذ ه المحطات المهمة في حياة الصبي الغربي، الذي سيرث لامحالة عن والده، أزمة الهوية التي طبعت كل حياته! لكن الأب الحنون، سيجد تفسيرا مقنعا ومنفرا في آن واحد لإبنه الحائر.

فحسب تعبيره: تجاهل هذا التخليد، يأتي تفاديا لعبادة الأشخاص، في مجتمع مسلم، كي لا يزاحم الإحتفال بمولد الرسول! لتزداد دهشة حمزة، عندما علم أن بلال يجهل تاريخ ميلاده بالضبط، لذا تعود على التأريخ ليومه الأول، بأمطار أكتوبر، من عام، ;مؤتمر ألاك;، سنة 1958، الذي تم بموجبه حصول موريتانيا على استقلالها الداخلي، لترث فيما بعد تسمية الجمهورية الإسلامية كحل وسط اقترحه المفاوض الفرنسي، للتوفيق بين النخب العربية والإفريقية، التي أوشكت على التطاحن، لتحديد هوية الدولة الناشئة.
تجذر القبلية، يبدوا كذلك، من خلال الرواية، عاجزا عن منح أبسط حماية للعبيد أو الأحرار، بحكم إحتمال، تغير الإنتماء للرقيق، حسب الأسياد وإنتمائاتهم المختلفة. كل العوائق أمام إستعادة جزء كبير من الموريتانيين، لحريتهم، حضرت في هذه القراءة المتزنة لعائق الرق، كي لا يضطر مواطنوا الغد إلى محاكمة للقبور;، قد تأتي على حلم المساوات المنشود.

مع إصرار، منهجي، على تبيين الفوارق بين هذه المؤسسة، وما عرفه الغرب فيما مضى، من التنكيل بالعبيد والمتاجرة بهم، فبلال، يجزم على أن واقع العبد في بلده، وصل مرحلة من الانصياع التلقائي، بفعل التدجين الأخلاقي;، الذي يربط بين مصيره في الدار الأخرى بطاعته الدنيوية لسيده! أما بخصوص الصورة، المفبركة التي يحاول الغرب تمريرها، عن احتمال بيعهم، مقيدين على رمضاء وهمية، فيتعرض الكاتب، للقيمة ;الشرفية;، لما ملكت أيمان أسياد ما زالوا متعلقين بعاداتهم الطوباوية: لأن البيع يعتبر نوعا من الانتحار الاجتماعي، الذي قد يمنع من لبس العمامة، في أرض تعتبر ;الشمس; جزءا من ديكورها اليومي.

الأغلال؛ زينة الرجال!
السلاسل زينة الرجال;، هكذا صرخ أحد القضاة الموريتانيين، في وجه المحامي، الذي ندد بتعذيب الانقلابيين، إثر محاكمتهم الأخيرة، معتبرا ;صلابة; الرجال، مبررا للتحرش بهم، بغية إختبار ;فحولة;، يبقى المسؤول الأول عنها هو الجسد، الذي ينبغي تطهيره، من تخريف العقل، بميولاته الطائشة! بكل بساطة، تلك هي ;فلسفة; قضاتنا كل ما تعلق الأمر بالجسد وهيولاه الشيطانية. فالجلاد الذي لا يتورع عن تكفير ضحيته، أثناء حلقات التعذيب، واصفا إياه، بالزندقة، والتغرب..
لم تثنيه أبدا أصداء النداء للصلاة عن مواصلة ساديته، التي توهمه بأن الفقيه والواعظ قد حلا بجبته! ولا داعي لمطابقة خطابه لممارساته الوحشية، فهو حامي: الأخلاق و الفطرة وسمعة البلاد، التي كثيرا ما تطفوا على باقي الحيثيات.
بلال، يحكي لنا كيف تجرع الإهانة، وذاق مرارة العذاب، بوصف دقيق، لما يسميه مختبر التعذيب الموريتاني، ;جكوار;، نسبة إلى الطائرة الفرنسية العملاقة، التي حضرت لحماية الدولة الموريتانية، أثناء حرب الصحراء في منتصف السبعينات.

الوجبة، كما يسميها معدوها، تبدأ، بالإذلال، عبر تجريد الجسد من سترته، بحضور شلة الشياطين، التي تفتخر بإهانة أكبر عدد ممكن من ;العقول;، لتستمر في محاولة دامية لإقناعه ;بنجاسة; جسده، الذي ينبغي أن يتقبل ;الروح; الجديدة، التي ستمنحه أجهزة الدولة، مع كل التقديرات المترتبة على هذا التحول الوجودي؛ وإلا، فنهايته ستصدر بمرسوم، أو هراوة.
بكل تجرد، يثير الكاتب، بدقة، فاضحة، تفاصيل، إهانة بلده الذي من أجله، ترك كل غال وثمين، عل أولاده، يقيمون أبسط علاقة ود مع هذا الوطن ;اللعين;! مما أعاد الحوار حول مشكل التعذيب، الذي يصعب عادة، على ضحاياه، الكشف عن تجربة الإذلال، لأنه نوع من الإقرار بالفشل والضعف أمام إرادة يفترض أن تطفوا على هذه ;التفاصيل; المهينة!

معتنق الرفض، يعلل، يقظته المفاجئة، بالإنترنيت، التي اكتشف من خلالها، النقاش الموريتاني، بحدته وإغرائه، رغم بعده عن الساحة الميدانية، مؤكدا على دور هذه الشبكة، في إختزال المسافات، وفضح الممارسات البربرية، لأنظمة، أحكمت قبضتها على مختلف وسائل الإعلام، واهمة السيطرة من الناحية الإعلامية على جلمود الإنسان الموريتاني.

شخص آخر، من بين أفراد أسرة الرواية، أعطى بعدا آخر، لعوائق النضال السياسي، من خلال وشايته، التي أهدت جسد بلال، على طبق من ذهب، للشرطة السياسية! رغم أن عيسى، كان من بين من يثق فيهم بلال، ولم يسبق له، أن أعاد النظر ولو مرة واحدة، في جدية إيمانه بالمشروع الديمقراطي الذي من أجل إرسائه، قسموا بشرفهم، وأجلوا إلى حين كل إغراءاتهم الشخصية.

لعبة القط والفأر هذه ، كانت المسؤولة، عن تفكك الحركة، التي خيبت أمل أجيال عدة. رغم إصرار بلال على كشف حقيقتها، نلمس في شهادته نوعا من التحفظ، كي لاتدخل تجربة جيله مزبلة التاريخ، لأنها رغم العثرة، ساهمت بكثير في تعجيل الإطاحة بإمبراطورية الطائع، متحدية، فرضية استحقاق الموريتانيين، لديك منتوف، ينقر كل الرؤوس المسالمة.

إضافة للبعد السياسي لرواية محمد بابه، نفاجأ بالخلفية الأدبية لهذا القارئ المدمن، على الأدب الفرنسي، الذي تمكن من توفيق آلياته مع مادة الأدب الموريتاني، المهجور من طرف غالبية الكتاب، منذ أن فرضت عليهم وزارة الداخلية، تحليل برقيات الوشاية، وأنظام المدح المحتضر..

رواية بلال، تعيد الثقة في قدرة ، النخبة الموريتانية على خلق أدب، ولو أن الموريتاني سيكون آخر من يقرأه.

كامل الود

سيد محمد

زر الذهاب إلى الأعلى