ادب وتراث
-
- كنت وأنا طفل صغير كثير المجالسة لجَدّي الإمام الفقيه سيدي بن حمادي رحمه الله تعالى وكان الفنان البان ولد النانه رحمه الله من أصدقاء الجد وكان من الملازمين للصلاة في المسجد. وكان أحيانا عندما يعحبه كلام أو موقف يطلق العنان لصوته الشجي منشدا “بيت حرب” على عادة إيكاون. لم يكن الجد رحمه الله يتفاعل مع تلك الحالة لا بالسلب ولا بالإيجاب ولا يظهر على قسمات وجهه ما يدل على استهجان او استحسان. ولعل ذلك ما حداني، رغم حداثة سني، أن أسأله سؤالا فيه كثير من الشجاعة الأدبية، قلت له : هل يطربك الغناء ؟ فرد بالنفي وقال : لا أستعذبه.
-
- مع ذلك فإن من المتواتر في مجتمعنا أن الكثير من الثقات ومن علية القوم كانوا يحبون سماع الموسيقى والغناء بل يجدون فيهما واعظا ومذكرا بالآخرة.
-
- جاشت في نفسي كل تلك الذكريات وأنا أستمع لهذا المقطع الصوتي من حلقة من حلقات الأدب الشعبي الذي كانت تبثه الاذاعة.
-
- كان المقطع باعثا على الموعظة والعبرة مذكرا بفناء الدنيا مهما طال الزمن. فجميع الذين حضروا الحلقة غادروا هذه الدنيا بل والذين ذكرت أسماؤهم أو أنشدت أشعارهم صاروا في عداد الموتى:
-
- محمدٍ ولد ابن المقداد،
-
- محمدٍ ولد سيد ابراهيم،
-
- سيداحمد البكاي ولد عوه ،
-
- بوكي ولد عليات،
-
- محمد عبد الله ولد أخيار أهلُ،
-
- ول إجّار
-
- ول آبيبك
-
- منت اماّن
-
- يضاف إليهم المطربة التي تعزف آردين، و أصحاب اطْلعْ والكيفان : صاحب طلعت منت امّان وهو يبث شجونه وأحاسيسه وشكواه مما يعتري صلاته من شرود وغياب وانعدام خشوع ، فأين هو ذلك الشاعر المتحسر على حاله وأين هي منت امّان نفسها؟ وأين تلك ادويره فاذخيره وامنيزل وتنوب، وانخل ببتور ذلي بالليعه مخصوص!!!
ومن العجيب أن المقطع ينتهي بذكر الموت والقبور..
فسبحان الحي الدائم الذي لا يموت .
- محمد الامين حمادي