من مواقف الحياة/قصة تكسر القلوب
من مواقف الحياة
كنت من حين لآخر أزور صديقا لى زيارات متقطعة متباعدة وغالبا قصيرة
كان ذلك قبل سنوات عندما لاحظت أن شاشة التلفزيون الفخمة المتصدرة ل(الهول ) عند المدخل مثبتة على قناة أطفال اسمها( طيور الجنة)
فى كل زيارة اجد الشاشة على نفس القناة بنفس الإضاءة و( الفوليم)
قلت فى نفسى وقد استمر هذا الحال لسنة وتزيد ربما (جهازالاستقبال الهوائي) معطل أو (الروموت كونترول) غير صالح للاستعمال
لم افهم الأمر
عادة فى المنازل هناك جولة على مدار الساعة فى مختلف الفضائيات طلبا للمسلسلات والبرامج والرياضة والاخبار وهكذا فلماذا فقط( طيور الجنة) وحدها على مدار الساعة فى منزل صديقى لاتختفى إلا بانقطاع الكهرباء وتتم إعادتها بمجرد عودة التيار
لاحظت انه على مقعد صغير نظيف انيق تحت الشاشة هناك دمية زاهية الألوان براس مائل للاسفل مع حقيبة اطفال ودفاتر ومستلزمات مدرسية
كأن غبارا خفيفا وحزينا يحاول التشويش على نظافة المقعد والاشياء المرصوصة فوقه بعناية مدهشة
تملكتنى حيرة شديدة خاصة أنه ليس من عادتى وإ( جننى) الفضول السؤال عن اي شيئ خاصة مثل هذه الأمور المنزلية
فى تلك الفترة هزمنى الفضول فكان علي أن اسأل مكرها عن سر الشاشة والقناة والمقعد
ذات مساء وجدت صديقى وحيدا فى المنزل يطالع كتابا بهدوء و( يتراشف) شايا يعده بنفسه
قلت لعل الظروف مناسبة لأن اسأله عن الشاشة والقناة والمقعد
فعلا بعد جلسة الشاي سألته عن الأمر
وليتنى مافعلت
تغير وجهه ودمعت عيناه وغاب عن افق الجلسة
تملكنى شعور بالخجل والذنب
لماذا سألت
ألم يكن بمقدورى ابتلاع الفضول وصرف النظر عن الموضوع
بعد ساعة سهو اجابنى بصوت دامع متقطع
( مع الأسف حجبت عنك قصة وفاة طفلتى الوحيدة إثر سقوطها فى بركة ماء ملحقة خلفيا بالمنزل قبل حوالى سنة)
صعقت كمن وضع يدا ندية على اسلاك كهرباء نشطة
تاثرت وغبت أنا أيضا عن افق الجلسة
تابع حديثه
( كانت كل شيئ فى حياتنا ومنزلنا
ضحكاتها العابها دفاترها قناتها المفضلة صورها كانت نور حياتتا الذى ذهب)
اسلم نفسه لبكاء صامت
ثم واصل
( عشنا اياما من الحزن وغصة الفراق
صدمنا لم نصدق لم نتاقلم بداية ولكن فى النهاية وديعة لله واستردها ونعم بالله
تركت لنا مع الحزن هذه القناة بهذه الطريقة
وتلك الأشياء التى على المقعد وجراحا نازفة فى القلوب
لم استطع لا انا ولا والدتها تغيير القناة
فاحتفظنا بها ذكرى لايامها الوادعة كما احتفظنا باشيائها على المقعد أمامك
تجاوزنا الحزن سلمنا الأمر لله وفشلنا فى النسيان لذلك ( طيورالجنة) بقيت هنا وإن حلقت إحداها بل اكثرها جمالا نحو الله نحو جنة الخلد )
لم اتحمل أكثر من ذلك فودعته على عجل وقصته توجع قلبى وتستحث دموعى
لأيام لم استطع تجاوز هذه القصة الحزينة
ولكن لجسر الحياة مياه تغمره وتنحسر عنه
بين مدها وجسرها دمعة وابتسامة فرح وحزن قصة وعبرة
لاحول ولاقوة إلا بالله
حبيب الله ولد احمد