قراءة في ديوان البظان (6) / محمدٌ ولد إشدو
“انتْرِشْ”
يعتبر “انترش” هو الآخر، أحد “الأشوار الزمنية” الكبرى في “أزوان البظان”. وذلك لصدارته باعتباره أحد “أشوار فاغو” الجانبه البيظه، ثم لكونه من ابتكار أحد رواد وعظماء مدرسة الحوظ الثلاثة المؤسسين المنوه عنهم آنفا، وهو الفنان والأديب العبقري سيد أحمد ولد آوليل (ابُّوهْ) ثالث أثافي تلك المدرسة العظيمة.
ولـ”انترش” خاصيتان أخريان هما كونه “يشوهد” بـ”اطلع والگفان” وكونه أيضا “بت اظيار” (بيت ظئار).. ليس بين إخوة كما هي الحالة في “الكرس” أو بين آباء وأبناء، كما في “الفائز”! بل بين أميرين عظيمين هما سيد أحمد للمختار ومحمد شين ولد أعمر! وهذا ما سنتطرق له بالتفصيل:
1. “انترش” سيد أحمد للمختار
وهو” انترش” الأول. وهو من إبداع سيد أحمد ولد آوليل في مدح أميره وصديقه سيد أحمد للمختار ولد سيد أحمد ولد هنون ولد بوسيف ولد محمد ازناگي. وإضافة إلى جماله ومكانته المرموقة في أزوان البظان، تعطي التقاليد المروية والأساطير “انترش” دورا بارزا في ملحمة الوحدة والصراع التي طبعت علاقات الأمير سيد أحمد للمختار ومطربه وصديقه سيد أحمد ولد آوليل طيلة حياتهما! لحد قولها إن سيد أحمد ولد آوليل لما قرر في إحدى مغاضباته ترك سيد أحمد للمختار إلى الأبد، وأقسم على ذلك، وهاجر غربا، وقف يوما على بحر “اندر” فإذا بسرب مراهقات يغطسن ويطفون وهن يغنين “سيد أحمد للمختار اعلى حسان اشريف” فالتفت إلى زوجته العنقاء، وهي من أهل بُسيف ولد أحمد، خصوم سيد أحمد للمختار، قائلا: “العنگه.. أنا لاهي نرجع لسيد أحمد للمختار. عَرْبِي يَلْحَگْ شُكْرُ بَحْرْ اندَرْ مِنْ الْحَوْظْ أنا مَا انگدْ انْعاندُو” فردت ساخرة من ضعف إرادته في عناد أميره وقوة ولائه له وتعلقه به: “يَوَيْلي اَلَّا انتَ! ساحْرَكْ سيدْ أَحْمَد لِّلْمُخْتارْ! هَذا لو ما گِلْتولُ انتَ ما يَلْحَگْ هونْ!” وعاد إلى الحوظ بسبب “انترش”!
وشاهد “انترش “سيد أحمد للمختار هو: “يا نين، يا لطيفْ!” ومما قاله فيه ابوه في مدح سيد أحمد للمختار، رحمهما الله:
– سيدْ اَحْمَل لِّلْمُخْتارْ** اعْلَى حَسّانْ اشْريفْ
اسْتَشْريفِةْ الَاصْكارْ** والغَلَّه واتْجَوْنيفْ
بيهَ دَگْدَگْ لحْجارْ** بالصَّوْلاتْ افْلِخْريفْ
اُكُرْمُو سَيْلْ اعْلَى الجارْ ** اُلا يَعْطِي بِاتْجَوْنيفْ
واَكْرَم مْنْ حاسِ جَارْ ** جَمّْ إلى لُگاگيفْ
ادُّومُو يا القَهّارْ ** واتْعينُ يا لَطِيفْ.
– سيدْ اَحْمَدْ ما رَيْنَ ** عَرْبي كيفُ فينَ
فِالمَدّْ امْساوينَ ** القاوي والضَّعيفْ
اُيَعْطِي مَا غنين ** إدومُ ما كيفُ كيفْ.
– البَيْظَه مَا لَگّاتْ ** الشّهْبَ عنس الجَوْباتْ
انْحايِرْ والكيلات ** وشِلْوُ لَبْيَظْ لِخْفيفْ
وَاشْوايِلْ لخليات ** الصَّيْفْ امّاسيهْ اخْريفْ
اُراهْ السَّبْعِيَّه جاتْ ** اُزادِتْ لَخْلاگْ ازْديفْ.
2. “انترش” امْحمد شَيْنْ
وتعزف مدرسة تگانت “انترش” و”تشوهده” بلازمة هي: “يا اللهْ اتْعينْ امْحَمَّدْ شَيْنْ”! وتغنّي فيه “طَلْعَتَيْنِ” لسدوم سوف نوردهما لاحقا. إلا أن ذلك يثير بعض التساؤلات مثل: هل أن سدوم هو من عزف “انترش” تگانت و”شَوْهَدَهُ” وغنى فيه طلعتيه في مدح امحمد شين وتأصيل سلطان أهل أعمر بانتمائهم إلى قريش؟ وبذلك – إن وجد ما يثبته- يكون “انترش” تگانت هو الأصل، وهو الأول! فامحمد شين وسدوم أكبر سنا وأقدم عهدا من سيد أحمد للمختار وسيد أحمد ولد آوليل!
يرى الأستاذ الباحث أحمد ولد إشدو أن “ظئار سيد أحمد للمختار وامحمد شين على انترش مرده روح التافس الأدبي والفني المحتدم بين المدرستين، وأن الرجلين ليسا من جيل واحد، وتاريخ وفاتهما – رحمهما الله- حاسم في هذا المجال”!
وعلى ضوء هذا الرأي فقد يكون عزف” انترش” في تگانت و”شَوْهَدَتَهُ” بـ”يا الله اتعين امحمد شين” و”طلْعِ” سدوم، جرى – في نظري- في عهد لاحق على زمن سدوم وامحمد شين! خاصة أن “انترش” مكان بالحوظ يدعى أيضا شِكرطيل، ولا علم لنا بمكان بذلك الاسم في تگانت! ثم أنه يوجد كذلك نص قديم يعالج هذا الموضوع جاء فيه:
سيدْ اَحْمَد لِّلْمُخْتارْ انتْرِشْ ** ما نَخْبَطْ لُ ماه هُوَّ
يَوْمْ كَتْلِتْ هَيْبَ الَاطْرَشْ ** أُيَوْمْ ارفود الول فادو
شاهد انترش تگانت:
“يا اللهْ اتْعينْ امْحَمَّدْ شَيْنْ.
– اشْياخِةْ بُونَ بَكّارْ ** واعْلي بابي بُو الَافْخارْ
شَوْرَكْ يَامْحَمَّد تِنْدارْ ** يجرم الخَصْلَ والدّينْ
سَوْخَطْ واصْبُرْ يالصَّبّارْ ** اُعُودْ اعْلَى الِاسْلامْ احْنينْ
وفي النّصّْ اعْگوبِةْ الَاخْبارْ ** تَعْگَبْ فَايْدينْ التَّقِيّينْ
– أَهْلْ أَعْمَرْ ثَمْرِةْ قُرَيْشْ ** وامْعاهُم مَگْطوعْ الفَيْشْ
هومَ ثَمّارينْ الجَيْشْ ** وهومَ خَلّاصينْ الدَّيْنْ
واِتَمُّ فَوْگْ إِدَوْعيشْ ** مِن ظَرْكْ إِلى يَوْمْ الدِّينْ.