المؤمن من سرته حسنته وساءته سيئته/ يحي بيان
خطب الشيخ محمد الحسن ولد الددو الجمعة الماضية في المسجد بتفرق زينه وحمد الله واثنى عليه، وذكر جهاد وقوة ايمان اخوتنا في غزة وصبرهم على الشدائد والمحن في سبيل ذلك . ثم ذكر ووعظ وأوضح أن المؤمن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو:《من سرته حسنته وساءته سيئته》رواه الترمذي وأحمد.
فكان غيثا طافحا شربت منه الأرض ونفع الله به فامسكت وانبتت.
وتكلم اخرون خطباء فستوت عندهم الحسنة والسيئة،ولاتستوى الحسنة والسيئة.
ويَحْكي ابنُ عَبَّاس رضي الله عنهما فَيَقول: كُنتُ “أُقْرِئُ”، أي: أُعَلِّم رِجالًا مِن المُهاجِرينَ القُرْآنَ، مِنهم عَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوْفٍ، فَبَيْنما أَنا في مَنزِلِه بِمِنًى وهو عِندَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه، في آخِرِ حَجَّةٍ حَجَّها عُمَرُ رضي الله عنه؛ إذ رَجَعَ إلَيَّ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوْفٍ رضي الله عنه، فَقالَ: لو رَأَيتَ رَجُلًا أَتى أَميرَ المُؤمِنينَ اليومَ لَرَأَيْتَ عَجبًا، فَقالَ: يا أَميرَ المُؤمِنينَ، هَل لَك في فُلانٍ يَقول: لَو قَد ماتَ عُمَرُ لَقَد بايَعتُ فَلانًا، فَواللهِ ما كانت بَيْعةُ أَبي بَكْر إلَّا “فَلْتةً”، أي: فَجأةً مِن غيرِ تَدَبُّرٍ. فَتَمَّت المُبايَعةُ بذلك، فَغَضِبَ عُمَرُ رضي الله عنه، ثمَّ قالَ: إنِّي إن شاءَ اللهُ لَقائِمٌ العَشيَّةَ في النَّاسِ، فمُحَذِّرهم هؤلاء الَّذينَ يُريدونَ أن يَغصِبوهم أُمورَهم. فَقالَ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوْفٍ رضي الله عنه: يا أَميرَ المُؤمِنينَ، لا تَفعَل، فَإنَّ المَوْسِمَ يَجْمَع “رِعاعَ النَّاسِ”: الجَهَلةَ الأَراذِلَ، أو الشَّبابَ مِنهم، “وغَوْغاءَهم” الكَثيرَ المُختَلِطَ مِن النَّاسِ، فإنَّهم هُم الَّذين يَغلِبونَ على قُربِك، أي: المَكانِ الَّذي يَقرُب مِنك. حينَ تَقوم في النَّاسِ لِلخُطبةِ لِغَلَبتِهم، ولا يَترُكون المَكانَ القَريبَ إلَيْك لِأولي النُّهى مِن النَّاسِ. وأنا أَخْشى أَن تَقومَ فَتَقول مَقالةً “يُطَيِّرها عنك كُلُّ مُطَيِّر”، أي: يَحمِلونها على غَيرِ وجْهِها. وأَن لا يَعوها، لا يَعرِفوا المُرادَ مِنها، وأن لا يَضَعوها على مَواضِعِها، فَأَمْهِل حتَّى تَقدَمَ المَدينةَ، فَإنَّها دارُ الهِجرةِ والسُّنَّةِ، “فَتَخْلُص”، أي: تَصِل بأهلِ الفِقْهِ وأَشْرافِ النَّاسِ، فَتَقول ما قُلْتَ مُتَمَكِّنًا، فَيَعي أَهلُ العِلمِ مَقالتَك ويَضَعونَها على مَواضعِها، فَقالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَما واللهِ، إنْ شاءَ اللهُ لَأَقومَنَّ بذلك أَوَّلَ مَقامٍ أَقومُه بِالمَدينةِ.
اما اليوم وقد ولغ المتجاسرون في اعرض العلماء فقد صدق القائل:
لقد هزلت حتى بدا من هزالها كلاها
وحتى سامها كل مفلس
من صفحة الاستاذ:يحيى بيان