إفريقيا والعرب وحتمية التاريخ ! /التراد بن سيدي
إني أرى وأستغرب أن لايرى غيري حجم القواسم المشتركة بين إفريقيا والعرب وكيف يوحدهما التاريخ وتشابه الظروف و كيف يشتراكان في المصير ، بفعل الجيرة وتداخل المصالح وتشابه المشكلات ومستوى التطور مما تسبب في وحدة الآمال والآلام ويتكاملان في الاقتصاديات ويتشابهان في حجم الثروات الهائل وفي ضعف الاستغلال لها إن وطننا الإفريقي العربي الذي برغم تداخله واشتراكه في كل شيء لم تعي طلائعه المثقفة والواعية حتى الآن إلحاح الحاجة والضرورة للعمل بجد ودون تأخير لإنجاز الوحدة التي بإنجازها تنزاح المشكلات ويتحقق الانعتاق ويبدؤ النهوض والصعود والانطلاق نوح الأعالي لاحتلال المكانة المناسبة بين المتقدمين إن إفريقيا التي يشكل العرب جزءا أساسيا منها يقارب ربع سكانها والباقي من العرب في آسيا تشكل الوحدة للطرفين كما سبق و أوضحنا ضرورة للنهوض والتطور ومكونة قوة تتمتع بكل مقومات القوة والحيوية الضروريتان لاستمرار النمو بمعدلات مرتفعة تمكن من اللحاق بمن تقدم وتجاوز أكثر من يتقدمون الآن ولا يتمتعون بشروط استمرار القوة والتقدم بسبب “العجوزية” ونقص الشباب كما هو الحال في أوروبا بشكل خاص ومناطق أخرى بشكل أقل كاليابان وإمريكا وكندا وروسيا !!
إن إفريقيا والعرب يناهز عددهما المليار ونصف المليار من البشر أكثريتهم شبابا وفي مساحة تزيد على أكثر من أربعين مليون كيلومتر مربع منها مساحات شاسعة تصلح لأنواع الزراراعة ويمكنها أن تشكل أهم مخزون للغلال الزراعية على مستوى الكرة الأرضية!!
وإن ٧٨% من العرب في إفريقيا و٢٢% فقط في آسيا ولدى العرب وإفريقيا من الثروات المعدنية ما لا يوجد مثله في بلد آخر أو قارة أخرى مع ثروات سمكية وحيوانية كبيرة وغابات غنية تتمتع بتنوع بيئي نادر يضم مئات الحيوانات والطيور وأراضي معشوشبة شاسعة ووفرة مياه.
وتقع القارة الإفريقية والمجموعة العربية في آسيا في وسط الكرة الأرضية على ملتقى عقد المواصلات الدولية فمن رأس الرجاء الصالح في أقصى جنوب القارة قرب كيب تاون، بين المحيط الأطلسي والهندي إلى مضيق جبل طارق بين الأطلس والبحر الأبيض المتوسط إلى باب المندب بين البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وقناة السويس بين البحر الأحمر والمتوسط ،ومضيق هرمز بين الخليج العربي والمحيط الهندي.
وإن عالم اليوم يتوقف النجاح والتقدم فيه على ضخامة الحجم حيث سعة السوق وحجم الإنتاج مما يجعل الدول ذات الحجوم الكبيرة تسير اليوم في المقدمة لامنازع لها في كم الإنتاج وفي خطوات التقدم ومستويات النمو نرى الصين ثم الهند وتترتب الدول الواعدة والمهيأة باللحاق بركب التقدم حسب أحجامها بعد أن كانت الدول كثيرة السكان تعيش التخلف بدأ الوضع يتغير وظهر للجميع التأثير الإجابي للحجم على النمو نتيجة سعة الأسواق وضخامة كم الإنتاج لذلك ارتقت الصين التي كانت شعوبها الغفيرة تعيش فقرا مدقعا واضطرت في بداية خططها التنموية لخفض الإنجاب تحديدا للنسل فبدأت نموا مكنها من طفرات نمو غير مسبوقة وقررت الآن إعادة التشجيع على زيادة النسل من أجل استمرار الشباب ثم بدأت الهند التي كانت تبلغ من التخلف مايجعل تقدمها في نظر الكثيرين يشبه المستحيل فتقلبت على أكثر المشكلات وحققت مايشبه المعجزة وصارت الدول ذات الأحجام تتطور بشكل مضطرد من اندنوسيا والبرازيل إلى بنغلادش وتركيا، واقتنع العالم كله بدور حجم السكان وأصبح الجميع يسعون للتكتل وخلق الأحجام فقامت أوروبا التي كانت من أكثر العالم تقدما وتطورا وصارت تشعر بالعجز عن مواكبة التنافس في الإنتاج الصناعي والصراع على الأسواق وعلى الحيوية ووفرت الشباب مما اضطرها للتوحد والتجمع في كتلة واحدة موحدة السوق والعملة رغم ما كان بينها من تناقض واختلاف قديم وحديث سالت الدماء فيه أنهارا ورغم اختلاف اللغات والثقافات وعمق النعرات القومية لقد تنازلت أوروبا في سبيل التوحد عن أجزاء واسعة من الخصوصية والتفرد ومن أشياء كثيرة من إرث التاريخ لاتزال شواهده قائمة، لقد فرضت المصالح على الأوروبيين نسيان مالا ينسى وتجاوز مالا يمكن تجاوزه في وقت واحد نسوا الإفرنك والمارك والليرة والبسيطة وحل اليورو مكان الجميع!!!
إن حاجة إفريقيا والعرب للوحدة يفوق حاجة أوروبا فنحن دون الوحدة عاجزين عن مواكبة ركب الحضارة متخلفين عن العالم وغير متمكنين من خدمة شعوبنا وتوفير مايتطلبه مليار ونصف من البشر عندنا من تعليم وغذاء وصحة وسكن ووسائل نقل مناسبة وخدمات وأمن ..
وإذا كانت ضخامة المشاكل تكاد تجعل الوحدة الأوربية مستحيلة فإننا لايمنعنا من الوحدة إلا الأفتقار للوعي وقليل من العمل وبالوحدة نستطيع حل مشكلات شديدة التأثير علينا والتي تعرقل تطورنا ونمونا واستقرارنا إننا بالوحدة بين كياننا الذي يعتبره البعض كيانين نحل مباشرة عددا هائلا من المشكلات الضخمة أولا: سينتهي مباشرة الصراع الذي يشل الكثير من طاقاتنا بين الإثنيات والقبائل والطوائف من الجنوب إلى الوسط من البحيرات الكبرى إلى السودان واتيوبيا والقرن الإفريقي، واتشاد ووسط إفريقيا ومناطق الساحل وفي المغرب العربي فالصراع بين الطوائف في أفريقيا و المشرق العربي كثير والأمثلة وافرة على صراعات كبيرة في القارة ستنتهي إذا توحدنا نورد منها مثالا واحدا هذه المشاكل التي نعيش هنا في موريتانيا من ماضي الرق والتراتبية ونقص المساواة وشكاوي بعض المكونات من الغبن هذه المشاكل التي يعجز وعينا البسيط عن مواجهتها وحلها ستنتهي كلية عند قيام الوحدة الكبرى وهذا ليس شيئا بسيطا !!
ثانيا : ستنتهي مشكلة نقص المياه عن بعض المناطق فلدينا المياه التي تستطيع تزويد كل المناطق بما تحتاجه وهذه مشكلة ضخمة نعيشها في بعض المناطق.
ثالثا: بالوحدة تتوفر الرساميل لتمويل المشاريع الكثيرة الخدمية والصناعية والزراعية فما يوجد من رساميل يكفي برامج تنمية تغير الأمور بسرعة من حال إلى حال أحسن كثيرا.
رابعا بالوحدة تنتهي مشكلتان خطيرتان هجرة العقول حيث كان يذهب أكثر من أنفقت بلداننا على تكوينهم لكنهم بعد التخرج لايجدون الظروف المناسبة فيذهبوا بخبرتهم نحو بلدان تمكنهم من استغلال علمهم بعيدا عن أهلهم بعد الوحدة تنتهي هذه المشكلة وهجرة الشباب بحثا عن عمل في الغرب وفي كل الدنيا كانت أيضا تستنزف الطاقات الشابة وتعرضهم لمخاطر أثناء البحث عن وجهة الهجرة وستنتهي أيضا هذه المشكلات.
إنني أعرف ان تفكير الكثيرين منشغل بأمور أخرى في أماكن أخرى وأشياء أخرى، وأرى أنه مادام الدافع للأهتمام والتفكير والمعاناة الحرص على المصلحة وليس شيء آخر غير المصلحة فإن احتمال التقائنا يظل واردا ومحتملا في كل خطوة وفي كل حين، وإنما تعرضت له بلداننا من استغلال وظلم واضطهاد ليس أكثر ولا آلم مما تعرضت له بعض تلك البلدان التي نراها استيقظت وصارت تحتل المكانة التي تناسب قوتها وحجمها وطموحهاوليس ببعيد ولاغريب أن نستيقظ نحن مابين غمضة عين وانتباهتها ويخرج ماردنا من قمقمه ونرى القدس ودمشق جزئا من أحيائنا الشرقية والكاب فير ودكار جزئا من أحيائنا الجنوبية والغربية .