نحو التأسيس لواقع جديد /محمد محفوظ المختار
خلال الأيام الماضية ظهرت موجهة من الخطاب الشرائحي المقيت، كان لبعضها ما يبرره وكان بعضها الآخر مجرد استغلال للطرف الأول، واكتظت صفحات التواصل الاجتماعي بالعديد من الاستقطاب الاجتماعي الحاد، ودخل على الخط عدد من الفقهاء وبعض كبار السياسيين كل ينفق مما عنده، مما غذى ذلك الانفلات في الخطاب ذي الصبغة الاجتماعية، وكاد يخرجه عن طور النقاش الهادف إلى حيز التخوين والتنابز بالألقاب والتشكيك في الأحساب.. وتطور الخطاب وتشعبت دروبه بين الطرفين مما يجعل المراقب المنصف يستشعر غربته ويبدي قلقه وخوفه من مآلات حوار كهذا، في ظل عدم وجود خطاب حكومي يضبط الوضع ويعيد للساحة شيء من الرزانة التي فقدتها أثناء هذا التداول الاعلامي الذي كاد يخرج عن السيطرة.
كل هذا جعل تدخل السلطات – التي ظن البعض أنها غير مدركة أو متجاهلة لما يجري – أمرا حتميا لا بد منه لكي تأخذ بزمام المبادرة تمهيدا لإبراز الحق وعودة بالأمور إلى وضعها الطبيعي.
وجاء خطاب فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني اليوم خلال افتتاحه لمهرجان مدائن التراث ليوضح الصورة ويبرز الموقف الرسمي، ويأخذ على أيدي المصطادين في مياه الفرقة الآسنة، داعيا إلى تجاوز رواسب الظلم الاجتماعي في الموروث الشعبي، وتطهير الخطاب الإعلامي والسياسي من الصورة النمطية التي تحيل إلى الطبقية المقيتة، مطالبا بالوقوف في وجه النفَس القبلي المتصاعد والذي يتنافي مع منطق الدولة الحديثة، مشددا التأكيد على أن الدولة ستظل حامية للوحدة الوطنية ولكرامة وحرية وحقوق جميع المواطنين وذلك بقوة القانون وأيا تكن النتيجة. مردفا أن الدولة لن ترتب حقا ولا واجبا إلا على أساس من الانتماء الوطني مكين.
وهكذا فقد كان خطاب فخامة رئيس الجمهورية صريحا وواضحا مؤكدا أن التعقيدات الغريبة الكامنة في النفس البشرية لا يجب أن تبرز إلى العلن ولا أن تلقي بظلالها على الحياة العامة، وفي هذا بلاغ للناس ولينذروا به، وليعلموا أن المواطنة هي المعيار الوحيد الذي لا يمكن أن تعدل الدولة عنه إلى ما سواه، وأن الوقت هو للانسجام والتعاون على خدمة الوطن سعيا إلى تجسيد ما ينفع الناس ويمكث في الأرض.