مَحَنـضْ ولْ أحمد يورَ شاعرٌ مُجيد مُقِل …

مَحَنـضْ ولْ أحمد يورَ شاعرٌ مُجيد مُقِل … له بضعُ مقطوعات يُـنسَبُ أغلبها لشقيقه “امحمد” لتشابه منهجهما الأدبي … توفي محنض عن عمر عريض، فقد ترك تراثا أدبياً فصيحاً وعامياً، وإسهاماً مُعتبراً في نظم وتقييد المسائل …

حفظت لنا الذاكرة الأدبية قوله :

أتيتُ الحبيبَ بُعيدَ المنامْ
أكَرِّرُ “نُوحاً” عليهِ السلامْ

إلهي السلامةَ في حُبِّهَا
فأنتَ السَّلامُ ومنكَ السَّلامْ

وقوله :

وقفت على دار “الجغيد ” على أدْمَا
ودمعي على الخَدينِ من شوقه أدْمَى

ولما رأيت الدار قفرا مُحــــيلة
وقفتُ لها جراء ساكنها قِدْمَـــا

وليس وقوفي أن أرى أم مــالك
ولكنه ” التغطاسُ في بَلَدِ اليـدْما”

وهو صاحبُ الأبيات الشهيرة على ألسن المُغنين :

منَّـيْـتـِني الوصل “برْحتلُولَ” كاذبةً
لتخدعيني وبات القلب يرجوكِ

فصادنِي في الذي منيتني طمـعٌ
فقمت أدنو له وهْنا “بعَيـرُوك”

فقلت غضبانةً لما مددت يـدي
ماذا تريد بذا “أحْ أهْنَ أوْكُوك”

ورُمتِ أن تخدعيني ” الليل” ثانيةً
“غُـرِّي بذلك يا خود ابن بيروك”

وله امَّـلِّي :

ناشدتك الله رب العرش والطورِ
يا نفْـسُ عند فتاة الحَـيِّ “شِـــدَّوْرِ”

“حَگْ اِنْهَ ” غانيةٌ يُشتاقُ منظرُها
“غـيْـرْ إصَّ ” حاجبةٌ و”الصَّيْـدُ غيُّـور”

وله اِمَّـلِّي :

قد قلتُ لما “نَـتَـرُوا فرْوَهـُمْ
في ليلةٍ غمامُها مُـمْطـِــرُ

لا ألْبَـسُ الفرْوَ كفاني الرِّدَا
خلَّـيْـتُ فرْوَكم لكمْ فانْـتُـرُوا

إني من القوم الألَى إن يَجِئْ
بردُ الشتا لا يلبسُونَ “الفَرُو”

ومن جميل شعره قوله ناظما في الفصل بين اسم التعجب ومعموله :

هشامٌ معَ الجَرْميِّ من أهلِ بَصْرةٍ
يُجيزانِ “ما أبْهى-مُجرَّدةً- هِندا

وجعلُكَ لولا تُشبهُ الحالَ عندهمْ
رواهُ ابنُ كَيْسانَ الذي كُسِيَ المجْدَا

وبعضٌ من التجويزِ أعْراهُ مُطْلَقاً
وبعْضٌ منَ التجويزِ أكْسَبهُ بُرْدا

وقولُ عليٍّ كرَّمَ اللهُ وجْهَهُ
روَوْهُ صحيحاً ما استطاعُوا لهُ ردَّا

وبالمصدرِ افْصِلُ يا خلِيلي وإنَّما
يُجوزهُ الجَرميُّ من قومهِ فرْدا

ويقول :

ضربتُ سَوطاً لا تلُمْ منْ جلَبهْ
ولا تقُلْ ضربتُ زيداً خَشَبَهْ

لأن الآلةَ إذا لمْ تكُنِ
للضربِ لا تنوبُ طولَ الزَّمنِ

ومن ظريف شعره التعليمي :

إضافةُ شيئٍ إلى مثلهِ
يُجَوزُ يحيى الشهيرُ الفريدْ

إذا كانَ معناهما واحِداً
وقدْ كانَ في اللفظِ بُونٌ بعيدْ

فَحقُّ اليقينِ دليلٌ لهُ
وحبُّ الحصيدِ وحبلُ الوريدْ

توفي محنض -جادته سحائب الرحمة والغفران- عام 1309 هجرية (حوالي 1892 ميلادية) وضريحه عند “ابير لمزازكَه” شمال شرق العاصمة نواكشوط … وقد رثاه شقيقه “امحمد” بأبيات خالدةٍ من أصدق ما أنت سامعه من الرثاء عاطفة وأحسنه شاعريةً :

ابك الديار بدمع منك مُنطــلقِِ
عيب الديار على مـن بالديار بقِي

منازلٌ بدلت عُـفْـرَ الظبــاء بمَنْ
قد بدَّلُـوا لي لذيذَ النــوم بالأرقِ

لما وقفت بربع الدار مُلتمسـاً
سلْباً لدائى بباقي رسْمِها الخَـلَـقِ

لم تسلب الدار مني الداء واسْتَـلَبتْ
ما كان أبقاهُ برحُ الشوق من رمَقِي

يا نفس صبرا على ما كان من وله
فسوف يافُل نجمُ الحزنِ والقلــقِِ

وروضة اللهو أرجُو أن يُـتاح لهـا
بعد الجفاف اخضرارُ العُود والورقِ

جمعة مباركة

عزالدين بن ڭراي بن أحمد يورَ

زر الذهاب إلى الأعلى