سنتان من حكم ولد الشيخ الغزواني.. الحصيلة والآفاق(الحلقة الأولى)

سنتان من حكم ولد الشيخ الغزواني.. الحصيلة والآفاق
(الحلقة الأولى)

خلال يومين تحل الذكرى الثانية لتنصيب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وهذه مناسبة مهمة للمراجعة والتقويم..
سأحاول ألا يمنعني موقفي كداعم ومؤازر له من تقويم أدائه وحكومته -في شكل سلسلة من التدوينات- بكل تجرد وإنصاف مع محاولة النزول إلى عمق الأشياء نصحا له وللبلد ومستقبله السياسي فأنا وكثيرون غيري من ممارسي السياسة والإعلام منذ ثلاثين سنة ما نزال لم نفهم بعد ما يرمي إليه النظام في كبريات القضايا ذات الأولوية للبلد، حتى إن تصرفاتهم إزاء بعضها قد تثير الشك أحيانا في أنها قد تكون تصرفات من لا يريد أن يترشح لانتخابات 2024 ويستعد لها من الآن أو لا يضع تحدياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مكانها الذي ننظر نحن إليه في إطار سلم أولوياته التي احتلها خلال السنتين الماضيتين المجالان الاجتماعي بنجاح مقبول والاقتصادي بنجاح أقل، وذلك من الزاوية الأسهل على المدى القريب ولكن الأقل مردودية على المدى البعيد أي زاوية اللجوء إلى الإنجازات المباشرة (التوزيع العيني للنقود، الضمان الصحي) أو الصماء (البنايات والبنى التحتية المختلفة)، حيث تم تحقيق العديد من الإنجازات التي لا تحتاج إلا إلى صرف الأموال الصماء، في حين احتلت أغلب الإنجازات التي تحتاج إلى التفكير والتخطيط والاستشراف أكثر من احتياجها إلى الأموال المرتبة الثانوية.. إن توزيع الأموال النقدية ومنح الضمان الصحي وبناء الطرق والعمارات مهم ولا يجب أن نقلل من قيمته وقد تحقق منه الكثير قبل هذا النظام لأنه سهل بالمقارنة مع وضع الخطط والسياسات والاستراتيجيات التي تحتاج إلى التفتيش عن الأشخاص القادرين على إنتاج هذه الخطط والاستيراتيجيات وتنفيذها، وهو تفتيش يتعارض مع أسلوب اختيار الأشخاص وفق نمط التسيير المألوف للبلد منذ أكثر من 30 سنة القائم على البحث عن الموالاة أكثر من الكفاءات، الذي كانت الرغبة في القطيعة معه تمثل أحد أسباب التفاف أجزاء عديدة من هذا الشعب ونخبته حول الرئيس الجديد أملا في تغييره، بعد أن بات البلد في خطر حقيقي من نمط تسييره المستمر منذ عقود، ولم يكن من المناسب ترك السنتين الماضيتين تلتحقان بركب كل تلك العقود الماضية…
لقد بلغ الفساد (وتوابعه من الرشوة والمحسوبية والتدوير) ذروته خلال الفترات الماضية، وكان من المؤمل أن هذا النظام سيمثل قطيعة نهائية معه خاصة وأنه رفع شعار محاربة العشرية التي خرجنا منها للتو لكن التدوير استمر، واستمر الكثير من أساليب الإدارة التقليدية، ولم نسمع عن قرارات أو إجراءات ثورية لوقف الرشوة والمحسوبية والفساد، وإذا كان هناك إصلاح في هذا المجال فهو بطيء وغير معلن بدرجة يكون له معها صدى رادع…
ومن جهته بلغ الانسداد السياسي ذروته سنة 2019، وحوصرت المعارضة حتى أفلست كل مشاريعها المجتمعية ولم تعد هناك ديناميكية سياسية لغير حاملي الإيديولوجيا الحركية أو المطالب العرقية، وكان من المؤمل أن يعيد الرئيس الحياة إلى الممارسة السياسية ذات البعد الوطني تفاديا لانزلاق البلاد 2024 في انتخابات عرقية بحتة لا تتوفر على أي خطاب سياسي أو مجتمعي غير تقاسم السلطة والثروة، وهو ما لم يحدث حتى الآن للأسف إلى درجة أخذ الوقت معها يضيق عن إنتاج أي معارضة مجتمعية لا عرقية يقودها زعيم ذو مصداقية سياسية قادر على كبح جماح المعارضة على أساس العرق واللون بحيث يكون العرق المعارض بالضرورة عرقا آخر غير العرق الحاكم…
وكانت دولة القانون ودولة المواطنة التي تضمن المساواة والعدالة لكل أفرادها هي المخرج الوحيد المتبقي لهذا الشعب للحيلولة دون تفاقم الكراهية العرقية والتنافس على السلطة والثروة الذي يقود في النهاية إلى المجابهة، والطريق الأوحد لوضع حد لتغول القبيلة والمحسوبية، ورخاوة الأمن التي تفرض على الدولة استثمارا مستمرا في المجال العسكري والأمني على حساب التنمية.. لقد كان هناك حلم بأن يصبح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أول رئيس للجمهورية على أسس جديدة وآخر رئيس منحدر من المؤسسة العسكرية، فالمؤسسة العسكرية وإن كانت قد نجحت في تجنيب البلاد خلال السنوات القريبة منا أتون الفوضى وأدارت بنجاح مقبول الملف الأمني المعقد في منطقة الساحل والصحراء الصعبة، فإنها لا تستطيع أن تظل تدير إلى الأبد ملفات السياسة والتنمية في بلد يتجه في أفق سنوات قليلة -ما لم تظهر بدائل سياسية مجتمعية لا يستطيع الجيش إنتاجها لأنها من اختصاص المدنيين- إلى إنتاج ممارسة عرقية بحتة للسياسة الوطنية، وقد حان الوقت لأن تدرك ذلك قبل أن يحدث أحد أمرين: العودة إلى مربع الانقلابات أو الانتقال إلى الفوضى العرقية.
أما الحكومة التي تدير حاليا الشأن العام…
يتواصل

الحسين ولد محنض

زر الذهاب إلى الأعلى