شلال دم عربي فوار يجري في عروق هنده ديبي
لا يخامرنى ادنى شك فى أن شلال دم عربي فوار يجرى فى عروق السيدة هنده ديبى أرملة الراحل ادريس ديبي كما يجرى فى عروق زوجها المغدور
لقطتان ربما وجد التاريخ الحديث صعوبة فى إعادتهما لكنه لم يجد صعوبة فى الانحناء إجلالا للحظتيهما
يوم أن لبس ادريس ديبى لامة حرب مافارقت جسده إلا لماما وماكان له ان يفارقها حتى يثخن فى الأرض وكذلك كان
الرجل المسكون بالجندية قالها بوضوح أنا جندي يجب أن اموت كالجنود فى جبهة القتال دفاعا عن بلدى وليس على السرير
ولذلك شيعته رصاصة فى الوجه ممتثلا قول الشاعر
(ولسنا على الاعقاب تدمى كلومنا
ولكن على اقدامنا تقطر الدما)
وكأنه كان عبر الزمن يتناغم مع خالد ابن الوليد يتمتمان بهدوء( لانامت اعين الجبناء)
ويوم ان زرعت ارملته هنده قامتها الفرعاء فى حفل تابينه المهيب شجرة افريقية فرعها الى السماء واصلها يقبل الأرض ازليا كفرا بالجفاف وتعاليا على قوارع الزمن وشربا للعطش زلالا وقدجف المنبع وغيرت السيول مساربها
هنده بكت واستبكت وذكرت الحبيب بعبرات بلاعبارات
بكت فيه رجلا بنى فرفع وحارب فاوجع وتعب فاستراح ابديا برصاصة فى الوجه مقبلا غير مدبر
انزرعت وسط الجموع سحابة حزن تسح حنجرتها الجميلة وفاء لانظير له تكوره دموع صادقة كيف لا وهي دموع انثى مسكونة بالحب وارملة مفجوعة فى رجل كان السند والمجن وهدية الزمن
دموع أم فتح اليتم بابه لأبنائها و(مات الذى كان يحميها ويمنعها)
خاطبت الجموع بدموع فراق حراء وهي تودع رجلا يتمدد امامها مسجى بعلم بلاده مضرجا نحو النهاية بدمه الزكي
على بعد امتار منها لكنه لن يبتسم لن يلوح لن يقطع شريطا رمزيا لن يطلق الرصاص دفاعا عن بلده
هذه المرة جاء لينام بهدوء سرمدي لاتعب بعده
هذه المرة جاء لينفض غبار المعارك وتاريخ الصخب عن جسده ويتوسد بندقيته وتاريخه ويعجن بعظامه تربة اتشاد
كان خطاب هنده مؤثرا به شجن واسى وحنين وذكرى والف حكاية
بدت شجاعة بكت كام كانثى ووقفت كجبل وكزوجة رجل محارب جسور
لم يتمالك اليعض دموعه وهو يتابع خطابها
لكن الاكثر احتفاء بالخطاب كان قادما من خلف غيوم الغياب يعبث بخصلة شعر امراة اسمها بلقيس
انتبذ مكانا قصيا من الماتم المهيب مرددا بصمت
” لقد قلتها ايام العنفوان والنضارة والشعر
لم اكذب يوما فى شعرى قلتها واقولها وهذه هندة تنتحب بشجاعة تستفز الزمن كاميرة افريفية من زمن الأساطير غرقت سفينتها فغالبت موج البحر لتغرقها على بر الامان الكاذب دموع الفجيعة
أنا الذى قلتها
( بعض النساء وجوههن جميلة
وتصير اجمل عندما يبكينا)
قلتها وهذا الوجه الأسمر الجميل الباكى ينقشها مدى الزمان والمكان ”
حبيب الله ولد أحمد