ألا أُخبِرُكم بأفضلَ من الصلاة والصيام والصدقة ؟

تزود من الدنيا فإنك راحل

وبادر فإن الموت لا شك نازل

عن أمِّ الدَّرداء عن أبي الدَّرداء رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”ألا أُخبِرُكم بأفضلَ من الصَّلاة والصِّيام والصَّدَقة ؟  قُلنا: بَلَى يا رسول الله، قال إِصلاحُ ذاتِ البَيْن (العَداوةِ والبَغضاءِ)، وإفسادُ ذات البَيْن هي الحَالقةُ”.

هذا الحديث رواه أبو داود، والتِّرمذيُّ من حديث أمِّ الدَّرداء عن أبي الدَّرداء رضي الله عنه، والطَّبَراني من حديث أمِّ الدَّرداء تَرفَعُه إلى رَسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلم.

قال التِّرمذي: وهو حديثٌ صحيحٌ، وأراد صلى الله عليه وسلم بإفساد ذاتِ البَيْنِ العداوةُ والبغضاءُ، ومعنى الحالِقةِ: الَّتي تحلِقُ الدِّين، فقد روَيْنا عن رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “إنَّه قد دبَّ إليْكم داءُ الأُمَم قبلَكم الحَسَدُ والبغضاءُ هي الحالِقةُ، لا أقولُ: تحلِق الشَّعرَ، ولكن تحلِق الدِّين”.

قُلتُ: وحدَّثَ أبو عُمَر بسَنَدِه عن عَمرو بنِ مَيْمون قال: ” لمَّا رفع الله موسى نجِيّاَ رأى رجُلاً متعلِّقاً بالعَرش، فقال: يا ربِّ مَن هذا ؟ قال عَبدٌ مِن عِبادي صالحٌ إن شئتَ أخبرتُك بِعَمَله، قال: يا ربِّ أخبِرني، قال: كان لا يحسُدُ النَّاس على ما آتاهُمُ اللهُ مِن فَضله، ثم حدَّث أبو عُمر بِسَنَده عن أَنَس رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ” إنَّ الحسد يأكل الحَسنات كما تأكل النَّارُ الحَطَب الرَّقيق”.

وذكر عبد الرزاق عن معْمَّر عن اسماعيل ابنِ أمِيَّة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثٌ لا يَسلَم منهنَّ أَحَدٌ : الطَّيْرَة والظَنُّ والحَسَد، قيل فما المَخرَج مِنهنَّ يا رسول الله ؟ قال: إذا تطيَّرت فلا ترجِع، وإذا ظَننتَ فلا تُحقِّق، وإذا حَسدتَ فلا تَبغِ” انتهى من التمهيد.

قُلتُ: اِعلم رحِمكَ الله أنَّه قد جاءت آثارٌ صحيحةٌ في ذَمِّ الشَّحناء والتباغُض لغير موجِبٍ شرعيٍّ، ففي صحيحِ مسلمٍ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلم قال: “تُفتح أبوابُ الجنَّة يومَ الإثنين ويومَ الخميس فيُغفَر لكلِّ عبدٍ لا يُشركُ بالله شيئا إلاَّ رجلٌ كانت بيْنه وبيْن أخيه شحناء، فيقول: انظِروا هاذَيْن حتى يَصطَلِحا”.

وفي رواية مسلم: “تُعرض الأعمال في كل خميس واثنين فيغفر الله في ذلك اليوم لكلِّ امرِئ لا يُشركُ باللهِ شَيْئاً” الحديث انتهى.

قلتُ وروى ابنُ المبارك في رقائقه بسنده عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم أنَّه قال: “لا يحِلُّ لامرئٍ مُسلِم أن يَهجُر مُسلماً فوق ثلاثِ لَيالٍ، فإنهما ناكبان عن الحق ما داما على صِرامِهما فأوَّلهما فَيْئاً يكون سَبْقُه بالفَئْ كفَّارةٌ، وإن سَلَّم عليه فلم يقبل وردَّ عليه سلامَهُ ردَّت عليه الملائكة، وردت على الآخر الشياطين، وإذا ماتا على صِرامهما لم يدخلا الجنة، أراه قال: أبَداً” انتهى.

وسنده جيِّدٌ، ونصُّه: قال ابنُ المبارَك: أخبرنا شُعبة عن يزيد الرَّشيد عن معاذة العَدويَّة قالت: سمِعتُ هشام بن عامر يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، فذَكَر الحديث.

وقوله “لم يدخلا الجنّةَ” ليس على ظاهره، ومعنى لم يدخلا الجنة أبداً حتى يُقتصَّ لبعضهم من بعضٍ، أو يقع العَفوُ وتحُلُّ الشَّفاعةُ حسب ما هو معلومٌ في صحيح الآثار

 وروى الدَّارقُطني في سُنَنه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم أنه قال: “خِيارُ عبادِ الله الَّذين إذا رُءُوا ذُكِرَ اللهُ، وشرُّ عبادِ الله المشَّاؤُون بالنَّميمة المفرِّقون بَيْن الأحبَّة الباغون للبُرَآءِ العَيْبَ” انتهى.

زر الذهاب إلى الأعلى