صدِقوني .. لست أدري
صدِقوني .. لست أدري ـ وأنا الحائر على حافة بئر من أبار التنقيب في أحراش “تازيازت” أقلب طرفي ذات اليمين وذات الشمال ـ من أين أبدأ هذا التقرير الإنساني المتشعب، لقد تكاثرت عليَّ القصص المدمعة والمواضيع الصحفية الحزينة المتشعبة كما “تكاثرتْ الظباءُ على خِداشٍ.. فما يدري خداشٌ ما يصيدُ” ، هل أبدأ بسرد قصة من الواقع عن شاب تاه في عتمة الصحراء وأهلكه العطش في المسافة الفاصلة بين “الكلب لخظر” و”اكليب اندور” ولم يحظ حتى بحقوق الأموات مثل التغسيل والدفن وكان قد ودّع عياله قبل فترة قليلة بحثا عن لقمة عيش؟ أم أبدأ ـ ولا أكتب هنا بقلم أديب روائي يعتصر خياله ـ بتسطير حروف متناثرة عن شيخ موريتاني ستيني باع كل أغنامه قبل أن يشد رحاله إلى “الشكَّاتْ” شمالي موريتانيا وانقطع به الاتصال ولا يدري ذووه أحيٌ يرجى أم ميتٌ يترحم عليه؟.
ما رأيكم أن تكون البداية من تلك المساكن المعتمة في باطن الأرض وأنقل بالصور كيف ينام الرجال في غيابة الجب ويستيقظون وقد أوشكت السوافي أن تدفن أجسادهم المرهقة بالكامل؟ أو تكون البداية ـ مثلا ـ بقصة إنسانية أبعثها عبر البريد إلى عنوان مجهول في دولة السودان عن مواطنيْن سودانييْن اكتشفتُ ضريحيهما ضمن أجْداثِ المنقبين، ولا أعلم أين كانا يقطنان من تلك البلاد البعيدة لكن الله قدّر أن يكون مرقداهما الأبديان في “لمْهودات” شمالي موريتانيا؟ أم أنقل بالصور الفوتوغرافية والقلمية ـ وبعيون صحفي عايش المشهد وقابل صنّاعه ـ عن رجال الخنادق من قضى منهم نحبه ومن ينتظر في سبيل لقمة عيش كريمة ولعلي أفضل البداية من الأخيرة.
منقول من تحقيق للصحفي
مختار بابتاح