ماكنت بدعا من المدرسين!

ماكنت بدعا من المدرسين!
في عام ست وثمانين تسعمئة وألف، بعثتني مدرسة تكوين المعلمين بروصو متدربا صحبة زميلي محمد ولد تقره ولد الطالب رحمه الله تعالى إلى مدرسة تدعى Ecole MairieA قبالة مكتب الوالي بروصو، وصلنا إلى المدرسة في حدود العاشرة واتصلنا بمديرها وأرشدنا على الفور إلى القسم الذي سنتدرب فيه.
كان القسم سنة ثالثة وبه سيدة تدعى خادجة وكانت على خلق عال. فاستقبلتنا بحفاوة وقالت لنا القسم قسمكم واعتبروني ضيفة عليكم حتى ينتهي تدريبكم، إستلمنا الفصل وكان توقيته كالتالي: ثلاثون ساعة في الأسبوع، مقسمة إلى خمس وعشرون ساعة من الفرنسية لاتكاد تسمع فيها صوت الذباب من شدة الإنصات والتركيز من أجل الفهم، أما ساعات العربية الخمس. فهي مجرد لهو ولعب في قسم يبلغ عدده ١١٦ من بينها سبعون بنتا وستة واربعون ولدا، مما يجعل السيطرة صعبة عليه. فشق علي ذلك وقلت لزميلي يجب أن لانترك ساعات العربية تضيع سدى، فقال لي: يامعلوم لاتءهب نفسك حسرات على هؤلاء، فأنت ترى البنات يقمن بضفر شعورهن وقت العربية والأولاد يضحكون لأنهم لايفهمون ماتكتب!
عندها قررت أن أقوم بمحاولة، عسى الله أن يأتي بالفتح أوأمر من عنده”
أمرت أحد التلاميذ بتطليس السبورة، وكتبت عليها ا ب ت ث ج ح خ د ذ وطلبت منهم الإصغاء بلغة يفهمونها: Bougnalla wakh dara impotant by, فقالوا جميعا بصوت واحدAttention: Nar mouna wakh wolof,! طفقت أشرح لهم بالولفية: ا آمول درا، ب تيسوف بن، ت تيكاو أنيار، ث تيكاو أنيت، ج تيسوف بن، ح آمول دارا، خ تيكاو بن، إلى آخر الأبجدية، فساد الهدوء. فأعدت الكرة حتى كتبوا الحروف وقالوالي جميعا إن السر في إهمالهم لحصص العربية هوكونهم لم يجدوا من يخاطبهم بلغة يفهمونها.
لقد كانت تجربة ناجحة،حيث أن التلاميذ إستوعبوا الأبجدية العربية خلال عشرين ساعة على مدار شهر واحد!
فما كنت بدعا من المدرسين، حين لجأت إلى هذا النوع من الأساليب، فكبار المدرسين ابتكروا واخترعوا الأساليب من أجل إيصال المعلومة لأن شغلهم الشاغل هو طريقة يفهم بها أكبر كم من التلاميذ.
إن الطرق التربوية لاحصر لها والطريقة التربوية السليمة والناجعة هي تلك التي يستطيع المدرس من خلالها إيصال معلومات مركزة لايشوبها نقص وبثقة تامة.
إننا معشر المدرسين اليوم في ورطة كبيرة، فمانقدمه لأجيال طفرة التكنولوجيا يجب أن يكون مؤسسا على حقيقة لاتقبل الطعن لأن جل التلاميذ يمتلكون الهواتف الذكية وبلمسة واحدة يحصلون على المعلومة، فإذا تطابقت مع معلومة المدرس، قالوا صدقت وكان الإحترام والتقدير وإذا كانت عكس ذلك أصبح صغيرا حقيرا عندهم لايقيمون له وزنا وبذلكم تصبح العملية التربوية برمتها عرضة للضياع!

المعلوم القاسم

زر الذهاب إلى الأعلى