الشريف أحمد حماه الله وستون سنة من الحيف..!!!

شهدت بلاد “السيبة” أو “أرض البيظان” أو بلاد “شنقيط” ظاهرة الإستعمار مع بداية القرن الماضي حالها كحال بقية بلدان القارة الإفريقية… وكان ذلك نتيجة مباشرة لمخرجات مؤتمر برلين الذي قامت فيه القوة الإمبريالية الأوروبية  بتقسيم القارة السمراء فيما بينها…

وقد كان جل بلدان غرب إفريقيا وشمالها من نصيب المستعمر الفرنسي…وكانت موريتانيا هي همزة الوصل التي لا بد من إخضاعها من طرف فرنسا لربط مستعمراتها في شمال إفريقيا بغربها …

فجهزت لذلك باحثين وعلماء لدراسة المجتمع وخصوصياته… تمهيدا للحملات العسكرية اللاحقة …وقد تصدى علماء البلاد ومشاييخه  للمستعمر ومخططاته اللهم إلا ما كان من اجتهاد لدى البعض ورغبة منه في أن يسهم العدو الصائل في توحيد لحمة المجتمع؛ الذي كانت السيبة هي التي تطبع واقعه أنذاك وقد تجلت تلك المقاومة في كفاح مسلح خاض غماره المجاهدون الذين سطروا أسماءهم في سجل الخالدين؛ الذين نافحوا عن هذا الشعب وقدموا أرواحهم رخيصة فداء للوطن وللأمة؛ لتبقى تلك الأرواح الزكية حية بيننا في كل لحظة ننعم فيها بالحرية والاستقلال وديمومة الدولة …وهي بالفعل تحيا وتبقى في الذاكرة الجمعية خالدة كلما مر بنا يوم 28 من نوفمبر من كل سنة… وتبقى بطولاتهم  مسطرة في الكتب والمراجع المدرسية حتى يعلم أبناؤنا أن الوطن يستحق أن نقدم أنفسنا رخيصة فداء له…

بيد أن الملاحم البطولية والمقاومة المسلحة التي خاض غمارها الأجداد هي التي بقيت في الذاكرة الجمعية وأدرجت في المناهج الدراسية؛ دون أن تضاف إليها مقاومة من نوع آخر كان لها تأثيرها البالغ الذي لا يقل أهمية عن حمل السلاح في وجه المستعمر ألا وهي “المقاومة الثقافية”.

وقد كان فارس تلك المقاومة ورجلها الأول السيد الشريف، الشيخ أحمد حماه الله؛ هذا المقاوم الشهم؛ الذي وقف أمام المستعمر بإغراءاته لشيوخ القبائل ولمشيخة الطرق..فلم يقبل منهم تفاوضا ولا إذعانا لشروطهم وطلباتهم، حيث انتهج لنفسه نهجا حضاريا في دفع المستعمر الصائل فلم يسمح لأتباعه ولا لأبنائه أن يلجوا مدارس المستعمر ولا أن يتعلموا لغته.. كما قاطعهم في المعاملات التجارية ورفض كل الهدايا والإغراءات المالية التي قدمها له المستعمر…

وكان دائما لسان حاله أنتم مستعمر صائل ليس لنا عندكم حاجة فلتعودوا من حيث جئتم؛ رغم حرصه على هدايتهم إلى الدين وصبره وتحمله كل السجن والمنفى في سبيل قناعته وجهاده لهم كل ذلك في سبيل الدين والوطن.

ورغم أن هذا الشريف التيشيتي(نسبة إلى مسقط رأسه مدينة تيشيت التاريخية)؛ مقاوما ومجاهدا وطنيا قدم روحه في سبيل الوطن(رحمه الله )؛ إلا أن كتاب تاريخ المقاومة الوطنية أهملوه؛ وغمطوه حقه عن حسن نية أو عن سوءها _ مع الأسف _ فلم يذكر في أبطال المقاومة الوطنية ولم يطلق إسمه على أية معلمة من معالم هذا الوطن طولا وعرضا..فهل كانت المقاومة الثقافية في الهند بزعامة “غاندي” أوفر حظا من المقاومة الثقافية في موريتانيا بزعامة الشريف احمد حماه الله؟

أما آن الأوان أن يرد لهذا الشريف الإعتبار وأن يمنح يسيرا من حقه على هذه الأمة!؟

الباحث؛

احمد جدو ولد محمد عمو

زر الذهاب إلى الأعلى