عندما يصف الشاعر شكله الخارجي ، تلبية لرغبة المعجبين ..

عندما يصف الشاعر شكله الخارجي ، تلبية لرغبة المعجبين ..

رن هاتفي الجوال اليوم بعد الجمعة 9 اكتوبر 2020 فإذا بالمتصل الشاعر الكبير محمد الحافظ بن أحمدو ..
و كعادته استرسل في حديثه الأدبي الماتع ذي التداعيات الحرة الطليقة التي يأخذ فيها من كل فن بطرف ..
تكلم في مستهل حديثه عن كيف انعقدت الصلة وثيقةً بينه و بين الإذاعة الوطنية التي ينعش بعض برامجها الأدبية بصورة منتظمة منذ الثمانينات ..فقال إنه أتى الإذاعة يوماً في تلك الفترة لزيارة زميله في الدراسة لسانِ الدينْ و بعد أن اقتحم القاعة التي كان فيها لاحظ أنه في اجتماع رسمي مغلق فاعتذر قائلاً :” اسمحوا لي انسحبْ إن كانت مداولاتكم سريةً “! فرد المسؤول الذي يترأس الاجتماع بقوله :” هي سرية بالفعل و لكن ليس عن شخصك الكريم .. نحن نتداول حول من يمكنه من الأدباء الموريتانيين أن يخلف لنا الأستاذ محمود الخضرا في برنامجه الإذاعي الناجح : ” في رحاب الأدب “.. قال فقلتُ لهمْ بداهةً : ما دام الأمر كذلك ، فإني أقول لكم مقال يوسف عليه السلام : { اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ }.و بعد أيام استدعتنيَ الإذاعة و أسندتْ إليَّ البرنامج مقابل ستّة آلاف أوقية قديمة طبعا “..
و في معرض حديثه عن هذا المبلغ ، قال إن كسبه المعنوي من ذلك البرنامج كان أكبر بكثير من كسبه المادي ، إذ أتاح له من العلاقات الطيبة قدرًا لا يعوض ..و تحدث عن كثرة المعجبين بذلك البرنامج بل وبشخصه الكريم من خلاله.. و روى من ذلك مثالين أحدهما يتعلق برجل من أهل لكصر و الآخر يتعلق بامرأة من مدينة النعمة المحروسة . أما الرجل فقد بلغ إعجابه بالبرنامج أن صار يصطحب معه المذياع كلما صادف دخوله المرحاض ساعة بثه عبر الأثيرِ ..و أما المرأة ذات الذائقة الأدبية الرفيعة ، فقد بذلت جائزة معتبرة لمن يأتيها في عقر دارها بالشاعر الكبير مقدم البرنامج ..و بذل أحد الناقلين من الأصدقاء المشتركين بين الشاعر و المعجبة ببرنامجه و بشخصه، قصارى جهده لتكون تلك الجائزة من نصيبه و لكنه لم يفلح في ذلك .. و لم يزل الصحفيُّ الشاعر يعتذر بأنه يخشى أن لا يتطابق تصور تلك المرأة مع الواقع المنظور فتنفجر ذائقتها الأدبية شعرًا فتقول في ذلك من القول الموزون المقَفَّى ما يُحفظ و يروى في ذاكرة الزمن كما وقع لجارية أمية بن خالد بن عبد الله بن أسد مع رجل من بني سعد في قصة أدبية مشهورة تقول فيها :
ألاَ إنما أبغي جوادًا بماله
جميلاً محياه كثيرَ الصدائقِ!
هذا و بعد جهد جهيد هبط سقف طموح المستمعة الكريمة إلى مجرد أن يُعرِّفها الشاعر محمد الحافظ تعريفًا شاملًا بشخصه الكريم ، فاختار صاحبنا أن يكون ذلك شعرًا فقال:

أنا ابنُ المُجَّدِ الشمِّ الأناصي
بروضة عبقَرٍ شعري يُسَامُ

وغرُّ الأربعينَ ليَ انتماءٌ
وسيْفٌ عمّيَّ العضب الحُسامُ

أخذتُ المجد من هنَّا و هَنَّا
إذا ما تمَّ في الحسد اقتسامُ

وإنَّ المال عاريةٌ وعندي
كَفافٌ منه.. و الأدبُ الوسامُ

وشكلي ليس جذَّاباً ولكنْ
من الوسط الذي فيه انسجامُ !

و يكمل أستاذنا قصته فيقول بالحسانية و بطرافته المعهودة :” گالتْ لِ افطنْ عنهَ امْنزْلِتْنِ بالوصف .. يغير ما اگْبِلْتْ آنَ امبوشلْ ما عندِ شِ لوعْثَاءِ السفر “.

رحم الله السلف و بارك في الخلف ..

محمد ولد سيد بدن

زر الذهاب إلى الأعلى