ضمير الاستخدام في الشعر الحساني

ضمير الاستخدام في الشعر الحساني

كنت و أنا أدرس ألفية السيوطي في علم البيان في محظرتي العزيزة بالنباغية بصدد بحث عن صور “البديع” و المحسنات اللفظية في الشعر الحساني “لغن”، و قد عزّ علي العثور على مثال لـ “لاستخدام” و تعريفه في البديع “أن يكون للّفظ ما معنيان فيطلقه المتكلّم ويريد به أحد المعنيين، ثم يذكر ضميره ويريد به المعنى الآخر”، و من أمثلته قول البحتري:

فسقى الغضى و الساكنيه و إن همُ
شبّوه بين جوانحي و ضلوعي

فأعاد ضمير “و الساكنيه” على الغضى باعتبار الموضع و الضمير الثاني في “شبوه” باعتباره شجرا من فصيلة الأثل لا تنطفئ ناره بسرعة.. و أهل الغضى يطلقها العرب على سكان نجد.

و كذلك يقول معاوية ابن مالك:

إذا نزل السماء بأرض قوم
رعيناه و إن كانوا غضابا

فالسماء يقصد بها المطر ثم أعاد عليه الضمير باعتبار معنى آخر هو “العشب” و هما معنيان مجازيان، من باب التعبير باللازم عن الملزوم و الظرف عن المظروف.

مكثت فترة طويلة جداً أسأل كبار رواة الشعر الحساني و شعرائه عن مثال للاستخدام في لغن، فلم أجد منهم من يسعفني بمثال له، غير أنني أزعم أنني عثرت له على مثالين، أحدهما قول امحمد ولد أحمد يوره:

وجعك يمتانتْ لهلاك
راصك و احزمتيه بملواك

تبت المولان خظت احذاكْ
ساعَ فتِّ بيه احزمتيه

و بملواك احزيمك لُ ذاك
احزمتينِ زادآنَ بيه

يغير اصّ خاسر يالرّيم
شِ فم الراصك وسّيتيه

حليتِ عن راصك لحزيمْ
و آنَ عنِّ ما حليتيه

فقد استعمل عبارة “لحزيم” بمعني “الشدّ” ثم أعاد عليها الضمير باعتبار معنى “الغرام و الصبابة”.

و منه أيضا قول الآخر:

فايدْ المنهَ فازهيدْ
شفتْ آغفال امسيد

و الحگنِ ذ فاوعيدْ
لمسيد و لاهُ فالْ

حد ايعاينْ لمسيدْ
ما لحگُ فآغفالْ

فايدْ المنهَ فازهيدْ

فقد أورد عبارة “لمسيد” بمعنى المسجد ثم أعاد على العبارة الضمير باعتبار “لمسيد” أي ما “تمسد” به المرأة رأسها من نقيع حناء و نحوه.

فما رأيكم في ذلك؟!. و هل فيكم من يستحضر مثالا آخر من الشعر الحساني؟!

حنفي دهاه

زر الذهاب إلى الأعلى