المشتركة أو الحمارية في علم المواريث

نقرأ في علم المواريث بعض المسائل التي شذت عن القاعدة الأصلية، ومن هذه المسائل المسألة المشتركة أو المشركة (بتشديد الراء) وسميت بذلك لأن الإخوة الأشقاء يشتركون مع الإخوة للأم .

– سميت المسألة المشتركة بالمسألة الحمارية أو الحجرية أو العمرية أو اليمية أيضاً، والسبب أن الإخوة الأشقاء لما حرموا من الميراث لوجود الإخوة للأم، قالوا لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: هب أن أبانا كان حماراً أو حجراً ملقى في اليم، وعندئذ ألا نرث من أمنا؟ .

– والمسألة المشتركة هي أن تموت امرأة وتترك زوجاً وأماً أو جدة، وأخاً لأم أو أكثر من أخ الأم، وأخاً شقيقاً وأختاً شقيقة أو أكثر .

– فالأصل في هذه المسألة ألا يرث الأشقاء شيئاً لأنهم عصبة، والزوج والأم والأخ لأم هم أهل فروض، وأصحاب الفروض المقدرة في كتاب الله تعالى هم: أربعة من الذكور (الزوج والأخ لأم والأب والجد مع الفرع الوارث)، وتسعة من الإناث (البنت وبنت الابن وإن سفل أبوها، والأم والجدة من قبل الأم، والجدة من قبل الأب، والأخت لأبوين، والأخت لأب، والأخت لأم، والزوجة) .

– أما باقي الورثة فهم عصبة مقسمون إلى: عصبة بنفسه كالابن، وعصبة بغيره كالبنت مع الابن، وعصبة مع غيره كالأخت الشقيقة أو الأب مع البنت أو بنت الابن .

– فاصاحب الفرض لا يسقط حقه أبداً، أما العاصب فيأخذ ما زاد، وإن لم يزد فيسقط حقه، كما هو واضح في المسألة المشتركة، حيث إن الزوج والأم والأخ لأم، هم أصحاب فروض، والأخ الشقيق وأخته الشقيقة هما عصبة ليس لهم فرض مقدر مع وجود أهل الفروض .

– ولو تصورنا المسألة مرة ثانية هكذا: ماتت الزوجة عن زوج وأم وأخوين لأم وأخ شقيق وأخت شقيقة، فإن أصل المسألة من ستة، للزوج النصف = ثلاثة، وللأم السدس = واحد، وللأخوة للأم الثلث = اثنان، ولا شيء للأشقاء لأنهم عصبة يأخذون ما زاد، ولم يزد شيء هنا .

وقد قال بهذا الحنفية والمالكية، وحجتهم القرآن والسنة، قال تعالى: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث (النساء: 12) .

وفي الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: الحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولي رجل ذكر (رواه البخاري) .

والقاعدة الأصلية تشهد بهذا أيضاً، حيث إن العصبة يأخذون إذا زاد على أصحاب الفروض ولم يزد شيء هنا .

– أما المالكية والشافعية فقالوا بتشريك الأشقاء في هذه المسألة مع الإخوة للأم، أي يقسم بينهم بالسوية ولا فرق بين ذكرهم وأنثاهم، كأنهم كلهم أولاد أم واحدة فيقال: أصل المسألة من ستة: النصف للزوج = ،3 والسدس للأم = ،1 والباقي للإخوة جميعاً= 2 .

ولتصحيح المسألة يصار إلى أصل المسألة 12: النصف للزوج = ،6 والسدس للأم = ،2 والباقي 4 لكل من الإخوة 1 .

وقد قال بهذه القسمة السادة المالكية والسادة الشافعية تمشياً مع قاعدة الاستحسان .

– وسبب هذا الاختلاف أن عمر رضي الله تعالى عنه أصدر حكمه مرتين: في المرة الأولى اسقط الأخ الشقيق من الورثة تمشياً مع أصل القاعدة، وفي المرة الثانية أشرك الشقيق مع الإخوة للأم في الثلث، بعد أن راجعه زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه وهو أعلم الناس بالفرائض، وعندئذ قال عمر قولته المشهورة: ذاك على ما قضينا وهذا على ما نقضي.

زر الذهاب إلى الأعلى