فقه الضريبة

- فقه الضريبة
زيادة التأخير لاغية
شرعا بقادح فساد الإعتبار.
لا نبتغى فى المستهل أن يساء فهم مقصدنا وأننا نبتغى إرباك الساحة المالية والاقتصادية للبلد .
ليس ذاك مقصدنا إنما نبتغى فتح مجالات للإجتهاد الفقهي لم تكن مشغلا لفقهاء عصر مضوا فوجب على المشتغلين بالفقه فى هذا العصر سبر أغوار قضايا لم تكن معروفة من قبل .
ولقد أحسن النابغة الغلاوي حين قال :
فاحذر جمودك على ما فى الكتب
فيما جرى عرف به بل منه تب
لأنه الضلال والإضلال
وقد خلت من أهلها الأطلال .
وبالنظر إلى أن قيام الدولة أية دولة يتطلب تعاونا بين كل مكوناتها فهذا يساهم بماله وذاك باستعداده البدني وذاك بفكره وثقافته ..
كان لزاما على الفقهاء النظر فى إمكانية فقه الدولة وهو مشغل لما ينضج وتتحدد معالمه بعد .
وللتأسيس ينبغي التذكير بأن كتاب الخراج لأبي يوسف يعقوب إبراهيم الأنصاري الكوفي (توفي في عام 798؛ 182 هـ) يعتبر أول كتاب فى المجال .
وقد كتبه أبو يوسف بطلب من الخليفة العباسي هارون الرشيد . كما ألف أبو عبيد القاسم بن سلاّم الهروي (157 هـ/774 م )كتابه الأموال حدد فيه الموارد العامة التي تُجمع لصالح بيت المال التي تتجلى في الخراج والجزية وعشور التجارة والغنيمة والزكاة، كما تمثل أيضًا النفقات العامة في مصارف الفيء والخُمُس والزكاة وأرزاق الجيش وإحياء الأراضي.
وتحدث أيضًا عن عدالة التوزيع وتداول المال والمحاسبة المالية وتحديد الملكية الخاصة، والمواثيق والعهود بين المعاهدين والأئمة وبين هؤلاء وأهل الصلح من الدول المجاورة، فيما يعرف اليوم بالقانون الدولي الخاص والعام.
ومن فقهاء المالكية ألف أبو جعفر أحمد بن نصر الداودي المالكي (ت 402 هـ) كتابا سماه الأموال سار على نفس المنهاج .
وقد أجاز متأخرو المالكية كأبي اسحق الشاطبي فى كتابه الموافقات ضرب الخراج أي الضريبة عندما يضيق بيت مال المسلمين أي الخزينة العامة عن تغطية تكاليف تسيير الدولة .
غير أن الفرق بين التشريع الإسلامي والتشريع الوضعى
أن الضريبة فى مقاصد الشرع ضرورة تقدر بقدرها لا يجوز التوسع فيها والزيادة فيها بسبب العجز لأنها سلطانية
وقد جاء ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) .
كما جاء “خير أمرائكم الذين تحبونهم ويحبونكم وتدعون لهم ويدعون لكم وشر أمرائكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم).
وهكذا فإن مراجعة قانون الضريبة العامة على وفق مقاصد الشريعة واجب على الجميع كما تمت مراجعة قوانين المصارف والبنوك فى بعض الدول الإسلامية . هذا
إذا أردنا أن يقتنع المسلمون بأن ما تفعله الدولة فى صالح المواطن وأنها دولة اسلامية فعلا كما ينص على ذلك الدستور .
عندها ينتهي التهرب الضريبي
وتشيع السكينة وتنزل البركة .
د.الشيخ ولد الزين ولد الإمام
أستاذ أصول الفقه ومقاصد الشريعة بالمدرسة العليا للتعليم
عضو المجلس الإسلامي الأعلى سابقا