فتوى الشيخ:عرفات ولد فتى في قضية الجمعة

هنالك أمر لا بد من التنبه له بعد العلم بأن ذا الاحتياط في أمور الدين من فر من شك إلى يقين.

وهو أن وجوب الجمعة طارئ على وجوب الظهر سواء قلنا إن الجمعة بدل عنها أو هي فرض يومها .
وسواء قلنا باحتمال إجزائها مع مخالفة الإمام ام لا

فلا ينتقل عنها إلا بمحقق لوجوبها.
قال اللخمي في التبصرة: ولم يختلف المذهب أن الجمعة مفارقة للصلوات الخمس، وأن ما سوى الجمعة يقام بالواحد والاثنين، وأن للجمعة حكما آخر، وصفة تطلب، وقدرا تقام بحصوله وتسقط بعدمه؛ وإذا كان ذلك وجب ألا تقام إلا على صفة مجمع عليها، وأن الخطاب يتوجه بها، فمتى عدم لم تقم لمختلف فيه؛ لأن أصل الظهر أربع، فلا ينتقل عنه بمشكوك فيه اهـ كلامه
ونحن في نازلتنا اليوم لا نتحقق إجزاء الجمعة فأما على أن إذن الإمام شرط فلا إشكال لأنه يلزم من عدم الشرط عدم المشروط وأما على أنه ليس بشرط فلأن منع الإمام لم يكن جورا بل باجتهاد منه لحفظ النفوس وقد نقل خليل في التوضيح في ما إذا عطل الإمام الجمعة أو نهاهم عنها – ولا يخفى أن التعطيل ظاهر في حال توفر شروطها – عن المجموعة أنه إذا صلى رجل الجمعة بغير إذن الإمام لم تجزئهم قال خليل: يريد لأن مخالفة الإمام لا تحل وما لا يحل فعله لا يجزئ عن الواجب. انتهى
قال الحطاب بعد نقله: ونحوه في الطراز وفرعه على القول بأن إذن الإمام ليس بشرط وأنهم إذا منعهم وأمنوا أقاموها ووجهه بأنه محل اجتهاد فإذا نهج السلطان فيها منهجا فلا يخالف ويجب اتباعه كالحاكم إذا حكم بقضية فيها اختلاف بين العلماء فإن حكمه ماض غير مردود ولأن الخروج عن حكم السلطان سبب الفتنة والهرج وذلك لا يحل وما لا يحل فعله لا يجزئ عن الواجب. انتهى
وقد صور البناني في حاشيته منع الإمام لإقامتها اجتهادا منه بأن رأى مثلا أن شروط وجوبها غير متوفرة وهو عين ما في نازلتنا لأن من شروط وجوبها أمن الجماعة وهو مشكوك فيه لسرعة انتشار هذا الوباء بإجماع الأطباء
ثم قال البناني: فإن كان الأول – يعني منع الإمام لإقامتها اجتهادا لا جورا – وجبت طاعته ولا تحل مخالفته ولو أمنوا فإذا خالفوه وصلوا لم تجزهم ويعيدون أبدا. انتهى
فقد نص على حرمة إقامتها في هذه الحال وهو ضد وجوبها حال اجتماعهم في المسجد فهو قاض عليه بالبطلان لأن الضدين لا يجتمعان
هذا على تسليم ما اعتمده البناني ومن وافقه من المحققين من حرمة إقامتها
أما على عدم تسليمه فيبقى احتمال صحته واردا فلا تتحقق حينئذ بإقامتها براءة الذمة من فرض زوال اليوم
(وذو احتياط في أمور الدين
من فر من شك إلى يقين)
والله تعالى أعلم وهو ولي التوفيق
*الشيخ العلامة عرفات بن فتى حفظه الله تعالى*

زر الذهاب إلى الأعلى