مديحية اليوم : همزية الرواس

هذه المشاركة من السيد أبو بهاء
هذا الوجودُ على مجلاكَ إيماءُ
هذا الوجودُ على مجلاكَ إيماءُ … وفي العَمَا مِنْ سَنَا مَعْنَاكَ أَضْوَاءُ
قَامَتْ بِسِرِّكَ مِنْ آَيَاتِ أَمْرِكَ فِي … عَوَالِمِ الْكَوْنِ أَسْرَارٌ وَآَلاءُ
ما مسَّ قابِسةَ الأنوارِ بارِقةٌ … إِلاَّ ومنكَ لها شأنٌ وإبْداءُ
ولا تلجْلَجَتِ الأجسادُ في نَفَسٍ … إِلاَّ وأٌفرِغَ فيه منكَ إحياءُ
مظاهِرُ الحَضَراتِ انْجابَ حُنْدُسُها … بشمسِ قدسِكَ عنها فهي بلْجاءُ
سِرَّانِ ما أعجبَ التَّفريقُ بينهما … هُما دَليلانِ إحياءٌ وإفْناءُ
كَشْفٌ وطَمْسٌ بمِعراجِ التَّدَبُّرِ مِنْ … كَوْنَيْهِما قامَ إبرازٌ وإمْحاءُ
والقَبْضُ والبَسْطُ من تصريفِ طَوْرِهِما … في عالمِ الخَلْقِ منعٌ ثمًّ إِعطاءُ
والخَلْقُ والأمرُ قاما والمَدارُ على … ما دارَ بينَهُما وضعٌ وإِعلاءُ
سُرادِقٌ في قَجاجِ العِلْمِ قَدْ نُصِبتْ … وَسَارَ في كلِّهِنَّ السِّينُ والرَّاءُ
حتَّى إذا شَمختْ بالأُفقِ قُبَّتُهُ … وكفْكَفَ الأرضَ تَكْويرٌ وادْحاءُ
وصِيغَ آدمُ بالصُّنْعِ القَديمِ كمَا … أُقيمَ وازْداجَ منهُ الطِّينُ والماءُ
تَعَلَّقَ النُّورُ فيه من طُوَى جبلٍ … ما مَسَّ موسى به في الطُّورِ إِغشاءُ
مُقدَّسٌ صِينَ في كَنْزِيَّةٍ سَبحتْ … ببحرِ نورٍ إذِ الآثارُ ظَلماءُ
ومذْ جرَى ضمنَ ذاك الهَيْكل انْبَجستْ … له علومٌ وأفْهامٌ وأسماءُ
فكانَ مضْمونَ كنزٍ من تشعُّبِهِ … قامَتْ شؤونٌ وقالَ الناسُ مَا شَاءُوا
جهلٌ وعلمٌ وكلُّ الناسِ طائفَةٌ … بالجهلِ والعلمِ أمواتٌ وأحياءُ
تنوَّعَتْ من نِكاتِ الكونِ أقضِيةً … والحكمُ فيها أفانينٌ وآراءُ
هذا إلى الحقِّ يمْشي لا على مَهَلٍ … وذاكَ بالزُّورِ والبُهْتانِ مَشَّاءُ
يا حَيْرَةً غلبتْ قوماً وغِيلَ بهم … وفي العُقولِ دواءُ الدَّاءِ والدَّاءُ
نَعَمْ عُقولُ الورَى في الوضْعِ عاجزَةٌ … ففي نِقابَيْهِ إِضْلالٌ وإِهداءُ
وفي رقيقِ نسيجِ الإخْتِيارِ على … نولِ المواهبِ حُكمُ العدلِ قَضَّاءُ
لذا إليكَ صدورُ الرُّسْلِ أجمعهم … بما عَرَفْناكَ يا ربَّ العُلى باءوا
موجٌ تدفَّقَ من نشإِ البُروزِ إلى … ألْبابِ قومٍ فإلْهامٌ وإِيحاءُ
فشقَّ صخرَ قلوبٍ حينَ فاضَ لها … وما خَلاها بِبَحْتِ الوضعِ صمَّاءُ
فدقَّها وارِدُ الإنْذارِ فانْكشفتْ … بالقبضَتَيْنِ فَخُلاَّنٌ وأَعداءُ
حنَّتْ لوارِدِها من حيثُ مَوْرِدِها … قلوبُ سُفَّارِ قومٍ بعدَ ما جاءوا
طريقتانِ انْجَلى مضمارُ حالِهِما … فتلكَ سوْداءُ والأُخرى فبيضاءُ
هذا الكتابِ الذي جاءَ البشيرُ به … مَحَحَّةٌ في طريقِ الله سمْحاءُ
أبْدى رُموزاً من الأسرارِ غامِضَةً … ما فكَّ مِغلاقَها إِلاَّ الألِبَّاءُ
طَوَتْ خوارِقِهُ آياتِ معرفةٍ … من نشرِها لقبابِ الغيبِ إسراءُ
جَلَتْ فُنوناً فأدلتْ من تَنَزُّلِها … ضوءاً به مُقلةُ المَبْعودِ عَمْياءُ
ما بين أحرُفِهِ في نظمِ سبكَتِها … ووصلِها الأشْطَبُ الصَّمْصامُ فَرَّاءُ
تضمَّنَ العلمَ تفْصيلاً وأجملَهُ … كما تضمَّنَ عينَ النُّقْطةِ الباءُ
وغاصَ طَمْطامَهُ عِلماً وفسَّرَهُ … محمَّدٌ وأتانا عنه إنْباءُ
كأنَّ دنيا الوَرى أعوامُها سَنَةٌ … وكلُّها بعد ما قدْ جاءَ شهباءُ
أفْنى جُمُوعاً بسيفِ العدلِ وهو إذاً … إِفناءُ ظُلمٍ به للعدلِ إِبقاءُ
أدارَ من كأسِ {ح … م} الغُيوبِ على … أهلِ الرِّضا ما حَمَاهُ الميمُ والحاءُ
مُعَتَّقٌ من زوايا القُدْسِ تعصُرُهُ … يدُ الرِّسالةِ ما شابَتْهُ صَهْباءُ
بورْدِهِ والتَّنحِّي عنه طالِعةٌ … فيها من الأمرِ إِسعادٌ وإِشقاءُ
إذا روَى نقلَها المَنْصوصَ راوِيةٌ … أعانَهُ من شُرُوقِ الفتحِ إِلقاءُ
يطوفُ من حالِهِ في قلبِ عارِفِهِ … رُوحٌ ووجهُ الجَحُودِ الخِبْلِ حِرباءُ
في الدَّهر من شأنِهِ شأنٌ يحوِّلُهُ … وعن ضِياءِ الضُّحى للعُمْشِ إِغْضاءُ
معنى نهارٍ وليلٍ بين دَوْرِهِما … من قابِضِ الحُكْمِ أطْرافٌ وآناءُ
توالَجا فأقامَ السِّرُّ بينهما … فَوَاصِلاً هي إِظلامٌ وإِيضاءُ
ما جاءَ في نشأةِ الإِثباتِ آدمُها … إِلاَّ لها ولهذا السِّرِّ حَوَّاءُ
بيانُ غمضٍ بممتَدِّ الرَّقائقِ من … علمِ الرَّسولِ وهل للسَّطرِ قرَّاءُ
يا أُمَّةً جحدتْ برهانَ حُجَّتِهِ … كأنَّها أُمَّةٌ بَكْماءُ صَمَّاءُ
هذا هو الحقُّ لا ندٌّ يعدِّده … وفي التَّعدُّدِ عُدْوانٌ وإِجفاءُ
يعدِّدُ الحقَّ بُهْتاناً أخُو سَفَهٍ … وعيْنُهُ بانْحِرافِ المَسِّ حولاءُ
لو ناصفتْ سِمَةُ الإِنصافِ أفئدةً … منهم لما غالَها جحدٌ وبغضاءُ
إنَّ البراهينَّ لا تَخْفى على دَرِبٍ … إنْ لم يُخَطِّئْهُ في مَسراه أقْذاءُ
سِمْطُ المعاني على مَنْظومِ جوهَرهِ … تخالفتْ باختلافِ الفهمِ أهواءُ
وقائِلُ الحقِّ لم تُقْلَبْ حقيقتُهُ … وإنْ ترنَّمَ بالتَّبديلِ وَرْقاءُ
سرٌّ تَكاتَمَهُ أهلُ القُلوبِ فخذْ … منه الرُّموزَ وما للسِّرِّ إِفْشاءُ
الفرقُ بينَ نِماطِ الجمعِ متَّسِقٌ … والجمعُ يشهدُهُ لُطْفٌ وإِنْطاءُ
يسِفُّهُ الحقُّ سفًّا ثمَّ يُرجعُهُ … فرْقاً وفي الأمرِ تجريدٌ وإِكساءُ
وأين تجتَمِعُ الأحداثُ في قِدَمٍ … من ذاتِهِ فيه تنزيهٌ وإِعْلاءُ
قامتْ على صُوَرِ الآثارِ حاكِمَةً … من قُدْسِهِ غارَةٌ للفرقِ شعْواءُ
تباركَ الله لا عهدٌ يغيِّرهُ … ولا يُماثلُهُ في الوصفِ أشياءُ
فَرْدٌ قَديمٌ عَظِيمٌ وَاحِدٌ أحَدٌ … لهُ صِفاتٌ قَديماتٌ وأَسْماءُ
منزَّهٌ عن سِماتِ الحادِثاتِ ففي … طَوْرِ الحُدوثِ انْتِقالاتٌ وإِبلاءُ
وفي الجهاتِ انْحيازٌ وهو جلَّ فلا … ينحازُ والحَيْثُ للمُنْحازِ أرْجاءُ
تدبُّرُ الأمرِ والتكييفِ مَزْلَقَةٌ … ملساءُ فيها من الشَّيطانِ إِغْواءُ
فَدِنْ بدينِ تُهامِيٍّ شريعَتُهُ … نورٌ وليس لنورِ اللهِ إِطْفاءُ
وازْوِ الهوَى عنكَ مغْموساً بسُنَّتِهِ … فللهوَى من بني الدُّنيا أرِقَّاءُ
وذِلَّ للهِ إنْ تسلُكْ طريقتَهُ … ففي الحُضورِ الأذِلاَّءُ الأعِزَّاءُ
وجِدَّ واجْهد ولا تنظرْ لماشيةٍ … في الدَّربِ حَذْفُ كِراعَيْها المُطَيْطاءُ
فأُمَّهاتُ الفِعالِ السَّيِّئاتِ لها … من عبْءِ أبنائِها الأخلاطِ آباءُ
وخذْ إذا ما توسَّدْتَ الثَّرى عملاً … يكون خلاًّ إذا انْحازَ الأخِلاَّءُ
وقفْ على البابِ مخفوضَ الجناحِ وكنْ … عبداً ومنكَ لقلبِ الوَهْمِ إِدْماءُ
قد حاوَلَ الجمعَ أقوامٌ فأرْجَعَهُمْ … موتَى وهم بطَنينِ الظَّنِّ أحياءُ
فالعارِفونَ ببابِ الفرقِ موقِفُهمْ … والأنْبياءُ العرانينُ الأجِلاَّءُ
قالَ اتِّحاداً أُناسٌ والحُلولَ حكَوْا … والكلُّ صَدْمَتُهُمْ في الدِّينِ دَهماءُ
لو حلَّ فيهم علة فرضِ المُحالِ لما … منهم تحَلَّلَ بالتَّحويلِ أجزاءُ
رواشِقُ الجهلِ من شيطانِ أنفسِهِمْ … للصَّدِّ منهم تلَقَّتْها السُّويداءُ
قالوا سلكْنا طريقاً لا اعْوِجاجَ به … وفيه قَنْطَرَةٌ بالشِّرْكِ حدباءُ
دعْ عنك ما انْتحلوهُ من زَخارِفِهِمْ … وافْطنْ فسانِحَةُ التَّوفيقِ خلْصاءُ
يَلِبُّ منها بعُنْقِ العبدِ جوهرَةٌ … يتيمةٌ من عُقودِ الفتحِ عصْماءُ
واسْلكْ طريقَ الرِّفاعيِّ الإِمامِ فقدْ … وافَى به حضرَةَ القُربِ الأحبَّاءُ
مهذَّبٌ مَذْهَبُ الحَقِّ استقرَّ به … وكادَ يهدِمُهُ القومُ الأشِرَّاءُ
دَعا إلى الله عن علمٍ فجاوَبَهُ … بقِسْمَةِ الغيبِ آباءٌ وأَبْناءُ
وسدَّ كلَّ طريقٍ لا دُخولَ له … على الرَّسولِ فأُمُّ الغيِّ خنساءُ
وكم قُلوبٍ طمتْ فيها الكُدورَةُ مذْ … أمَّتْهُ أَمَّ بها للهِ إِصفاءُ
قد قوَّمَ الله عوْجاءَ الطَّريقِ بهم … وليس في طُرُقِ السَّاداتِ عَوِجاءُ
أجلْ تدلَّسَ بُطلاناً بموكبِهم … قومٌ وأهلُ الحِمَى زُهرٌ أحِقَّاءُ
وأَحمَدُ الأوْلِياءِ الغُرِّ أحمَدُهُمْ … وفحلُهُمْ إنْ ثنَى الأبطالَ هَيْجاءُ
شقَّ القُلوبَ بمُوسِ الشَّرعِ فانبجَسَتْ … دُرًّا وها هي قبلَ الشَّقِّ حصْباءُ
طاشَ العَقَنْقَلُ في ميدانِ حكمتِهِ … على أولِي الزُّورِ حتَّى رَهبةً فاءوا
وجاءهُمْ ببراهينٍ خوارِقُها … كالمُعجِزاتِ لها في الكونِ إِمْضاءُ
لكلِّ شأنٍ من التَّحقيقِ عن جسَدٍ … تقليدُ نَمْطٍ وللتَّحقيقِ ضوْضاءُ
قد أمطَرَ الخِبُّ للرَّائينَ سابِحَةً … وهلْ لهل من رقيقِ الأُفقِ أَنْواءُ
شأنُ الرِّفاعِيِّ في مِعراجِ مظهَرِهِ … له سُمُوٌّ وللأتباعِ أسْماءُ
تحتَ العَجاجِ مَكيناً إذ كثُرَتْ … للطَّارقينَ يقفْرِ الحَيِّ غَوْغاءُ
كالطَّوْدِ ما هزَّهُ الإدلالُ في زمنٍ … وللفُحُولِ مع الإدْلالِ إِرْغاءُ
ضاهَى نَسيمَ الصَّبا لُطفاً ومُهْجَتُهُ … في اللهِ من طارِقِ الأحْوالِ حَرَّاءُ
كأنَّه أعْجزَ الرُّكْبانَ حينَ يُرى … وكم به سَبَقَ السُّبَّاقَ عَرْجاءُ
أبوهُ من مشرِقِ الزَّوْراءِ شمسُ هدًى … جرتْ لمغرِبِها والسَّيرُ إِسراءُ
حتَّى استقرَّتْ بكِنِّ الكاظميَّةِ في … مِضمارِ نورٍ جَلَتْهُ قبلُ أَبْواءُ
قد قوَّما قوسَ بغدادٍ أَجلْ فهما … لولاهُما مقلةُ الزَّوْراءِ زَوْراءُ
وعنهما من أبي العبَّاسِ قامَ فتًى … هو الضَّميرُ الذي يُعنى له الهاءُ
فاضتْ عوارِفُهُ في المُلكِ فابْتهجَتْ … بفيضِهِ الجَمِّ أقْطارٌ وأَنْحاءُ
روحُ البَتولِ طوتْ في نشرِ هيكَلِهِ … حالاً علامَتُهُ في الآلِ زهراءُ
وعاهدَتْهُ يدُ الهادي على سَنَنٍ … زِمامُهُ ما به للكونِ إِرخاءُ
فكم به سُترتْ في الكونِ فادِحَةٌ … وكم به كُشفتْ بالله جُلاَّءُ
جَحاجِحُ السَّادةِ الأقطابِ غايَتُهُمْ … لها لدى بَدئِهِ في السَّيرِ إِبْداءُ
خلِّ الدَّعاوى على حرفٍ تجدْ بهِمُ … شمساً كواكِبُها هم أينَما ضاءوا
بُرهانُهُ حُجَّةٌ في السِّلكِ قاطِعَةٌ … فيها من القطعِ والإِبْعادِ إِبقاءُ
طريقُ من حادَ عنها كُلُّهُ غُصَصٌ … بها العُوَيْصاءُ تتلوها العُوَيْصاءُ
رُموزُ عِلمٍ جَلاها بعد أنْ كُسيتْ … طَمساً ودَلَّتْ بمجْلاها الأدِلاَّءُ
أقلامُ حِكمتِهِ في جِفْرِها نَقَشَتْ … كشفاً له من مِدادِ القُدْسِ إِجراءُ
تغلغَلَتْ في كُنوزِ السِّرِّ فانْكشفتْ … بها فُنونٌ لها الأهلُ الأقِلاَّءُ
سَرى بها واحداً فَرْداً ورايَتُهُ … في أوَّلِ الموكبِ القُدسِيِّ خضراءُ
وجابَ ظُلمةَ أوهامِ الشُّكوكِ وما … لحِزْبِ أتباعِهِ في القومِ أكْفاءُ
وبيَّضَتْ جُبْهَةَ الدُّنيا مناقِبُهُ … وما لها إِن يُرامُ العَدُّ إِحصاءُ
رقائِقُ السِّرِّ من آياتِ همَّتِهِ … لها ببطْنِ ضميرِ الكونِ إِدلاءُ
كأنَّما دارُهُ في كلِّ باديةٍ … ومن جَلالتِهِ في الحيِّ فَيْفاءُ
تُجلى لأهلِ المَعاني من حقائقِهِ … عَروسُ حالٍ من العِرْفانِ عَذْراءُ
عليه رُضوانُ ربِّ العرشِ ما لَمَعَتْ … شمسٌ وما عاقَبَ الإِصْباحُ إِمْساءُ