عودة ولد بعماتو … وأوراق جديدة في ملفات السياسة الإقتصاد (تقرير)

لیس من المستبعد أن تلغي السلطات الموریتانیة الإجراءات القضائیة والأمنیة الموجھة ضد بعض رجال الأعمال السیاسیین وخصوصا رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو، بعد حوالي سبع سنوات من الغربة الاضطراریة بسبب الأزمة بین ولد بوعماتو والرئیس السابق محمد ولد عبد العزیز.
احتل ولد بوعماتو طیلة العقود الأربعة مساحة مھمة من دائرة الضوء، وعزز نفوذه المالي والسیاسي خلال العقود الثلاثة الماضیة بشكل خاص، كما استطاع بناء شبكة علاقات كبیرة داخل البلاد وخارجھا.
إنقاذ عزیز
استطاع ولد بوعماتو بعلاقاته الخارجیة ومواقفه إنقاذ الرئیس السابق محمد ولد عبد العزیز من الخناق الأوربي، بعد الانقلاب العسكري الذي نفذه في 2008، ویذكر أحد الوزراء في أول حكومة بعد الانقلاب أن ولد بوعماتو ھو من كان ینسق مفاوضات الحكومة الموریتانیة والاتحاد الأوربي وسفراء الدول الغربیة في موریتانیا.
ویضیف الوزیر المذكور “في إحدى زیاراتنا لإسبانیا، اتصلت بالرئیس عزیز وأخبرته بوضعیة الحضور المشارك في القمة التي كنت أحضرھا، فرد علي انتظر حتى یتصل علیك محمد، وبالفعل اتصل ولد بوعماتو، ونسق لي عدة لقاءات مع وزراء أوربیین وشرحت لھم موقف السلطة الجدید”.
استطاع ولد بوعماتو كسب شخصیات أوربیة مھمة إلى جانب السلطات العسكریة الجدیدة، وخصوصا في فرنسا وإسبانیا، إضافة إلى المملكة المغربیة.
كما تولى ولد بوعماتو المرحلة الثانیة من المفاوضات عبر اتفاق دكار الذي انتھى بعد مفاوضات عسیرة باتفاق أنھى الأزمة الدستوریة في البلاد.
ولاحقا كان ولد بوعماتو الداعم الأساسي لحملة ولد عبد العزیز في 2009 بمبالغ مالیة قیل إنھا تجاوزت 5 ملیارات من الأوقیة.
ولكن حبل الود لم یطل كثیرا بین المحمدین، قبل أن تتأزم الأوضاع ویبدأ ولد عبد العزیز سیاسة تصفیة ممنھجة ضد ولد بوعماتو، استھدفت مؤسساته المالیة وأصدقاءه ووكلاءه التجاریین قبل أن تمتد إلیه بشكل شخصي.
ترمیم جدران الأعمال
مع العودة المرتقبة لرجل الأعمال محمد ولد بوعماتو إلى موریتانیا فمن المتوقع أن یستعید مشھد الطبقة المالیة في موریتانیا بعضا من التوازن بعد عشریة ولد عبد العزیز التي
قزمت عددا كبیرا من رجال الأعمال المشھورین وأنتجت طبقة جدیدة من رجال الأعمال المرتبطین بالرئیس السابق إما عبر القرابة والمصالح أو ھما معا.
ورغم أن ولد بوعماتو لم یكن المتضرر الوحید من الھیمنة الاقتصادیة لولد عبد العزیز، إلا أنه كان أبرز متضرر في ھذا الجانب.
ویتوقع مراقبون للمشھد الاقتصادي أن یعید ولد بوعماتو ترتیب كثیر من ملامح خارطة الأعمال في موریتانیا، خصوصا أنه سبق أن تولى رئاسة اتحاد أرباب العمال ویتمتع بعلاقات واسعة داخلھ وخارج موریتانیا أیضا.
ومن شأن عودة استثمارات بوعماتو التي نقل كثیرا منھا إلى السنغال وفرنسا والمغرب ودول أخرى أن یكون لھا تأثیر اقتصادي على حركة السوق ومصادر التشغیل والاستثمار في موریتانیا.
ید في السیاسة
ترتبط عدد من القوى السیاسیة في موریتانیا بولاء وعلاقات قویة مع رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو، وتؤكد مصادر سیاسیة أن ولد بوعماتو، كان الداعم الأساسي لعدد من القوى السیاسیة التي ناوأت ولد عبد العزیز خلال السنوات الماضیة.
كما أن كثیرا من تلك العلاقات یعود إلى أكثر من عقدین، حیث عملت كثیر من الوجوه السیاسیة والاقتصادیة في البلد في مؤسسات ولد بوعماتو الاقتصادیة عبر وظائف متعددة منھا الاستشاري والفني ومنھا ما یتعلق بالعون والدعم المباشر.
حراك اجتماعي
تتعلق بعودة ولد بوعماتو أیضا حراك اجتماعي واسع خصوصا في مجموعته القبلیة التي تعیش حالة انقسام حادة، بفعل أزمة عزیز – بوعماتو، وفي الوقت الذي یساند فیه ولد بوعماتو عدد كبیر من وجھاء المجموعة ورجال أعمالھا التقلیدیین، فإن ولد عبد العزیز اعتمد ھو الآخر على طبقة جدیدة من الشباب ورجال الأعمال الجدد.
وتتجه الأمور في ھذا السیاق لصالح ولد بوعماتو، خصوصا أنه كان یمثل “موردا خیریا” لكثیر من أقاربه ومن الشخصیات الاجتماعیة في البلاد.
شروط العودة
لا أحد لحد الآن یؤكد بشكل جازم ما إذا كانت السلطات الموریتانیة قد وضعت شروطا لعودة ولد بوعماتو، أم تركت له الخیار للعودة بدون شرط محدد.
ولكن الأكید أن ولد بوعماتو لن یبادر بالعودة قبل رفع الإجراءات القضائیة ضده والحصار الاقتصادي على مؤسساته، إضافة إلى رفع الحظر عن أمواله التي جمدھا النظام السابق داخل البلاد.
ویبقى السؤال أیضا ماذا ستشرط السلطات الموریتانیة الجدیدة على ولد بوعماتو، وھل ستفتح له الباب أمام الحضور الاقتصادي والمالي، وماذا ستفعل مع المؤسسة التي یمولھا ویدعمھا من أجل محاربة الفساد ومقاضاة الزعماء الأفارقة الفاسدین.
وبین تلك الأسئلة، تبقى عودة ولد بوعماتو ملفا أساسیا من ملفات السنة الأولى من حكم الرئیس محمد ولد الشیخ الغزواني.
ريم آفريك + لكوارب
زر الذهاب إلى الأعلى